للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دار الإِسلام، وعقد الذمة لنفسه، والمرأةُ في دار الحَرْب، تحصُل الفرقة بينهما، ولا فَرْقَ عنده فيما قبل المسيسِ، ولا ما بَعْده، وعن أَحْمَدَ روايتان:

أَظهرهما: مساعَدَتُنا.

والثانية: انه إِذا أَسلم أَحدهما دون الآخر، انفسخ النكاح؛ سواءٌ كان ذلك قبل الدخول أَو بعده، واحتج الأَصحابُ علَى مَالِكٍ - (رَضِي الله عَنْهُ- بالقياسِ علَى إِسلام الزوجة، وعلَى أَبي حنيفة بما رُوِيَ أَن أَبا سفيانَ وحَكِيم بْنَ حزام أَسْلَمَا بِمَرَّ الظَّهْرَانِ، وَهُوَ مُسْكَرُ المُسْلِمِينَ، وَامْرَأَتَاهُمَا بِمَكَّةَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ دَارُ حَرْبٍ ثُمَّ أَسْلَمَنَا مِنْ بَعْدُ وَأُقرَّ النِّكَاحُ، وبَأَنَّ صفوانَ بْنِ أَمِيَّة، وَعِكْرَمَة بْنَ أَبِي جَهَل -رضيَ الله عنهما- هَرَبَا كَافِرَيْنِ إِلَى السَّاحِلِ حِينَ فُتِحَتْ مَكَّةُ وَأَسْلَمَت امْرَأتَاهُمَا بِمَكَّةَ وأخذتا الأَمَانَ لِزوْجَيْهِمَا، فَقَدِمَا، وَأَسْلَمَا، فَرَدَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَتَيْهِمَا" (١).

ولو نكح الكافر لابنه الصغير صغيرة، فإسلام الأبَوَيْنِ أَو أَحدهما قبل بلوغهما فهو كإسلام الزوجَيْن أو أحدِهِما.

ولو نكَحَ لابنه الصغير بالغةً، وأَسْلَمَ أَبو الطِّفْل والمرأةُ معاً؛ قال في "التَّهْذِيبِ": يَبْطُلُ النكاح؛ لأَن إِسْلاَمَ الولَدِ يَحْصُلُ عَقِيبَ إِسلام الأَب، فتقدّم إِسلامهما إِسلام الزوج، لكنْ ترتُّبُ إِسلام الابن عَلى إِسلام الأَب لا يَقْتَضِي تقدُّماً ولا تأخُّراً بالزمان، فلا يظهر تقدُّم إِسلامهما عَلى إسلام الزوج (٢).

قال: وإن أَسلَمَتْ عَقِيبَ إِسلام الأَب يبطل أَيضاً؛ لأَن إِسلام الولد يحصل حكماً وإسلامها يحصل بالقول، والحُكْمِيُّ يكون سابقاً على القوليّ، فلا يتحقَّق إسلامهما معاً.

وحيث توقَّفنا في النكاح، وانتظرنا الحال إِلى انقضاء مدَّة العدَّة، فلو طلَّقها قبل


(١) أخرجه البيهقي [٧/ ١٨٦] عن الشَّافعي عن جماعة من أهل العلم من قريش وأهل المغازي وغيرهم، عن عدد مثلهم: أن أبا سفيان أسلم بمر الظهران، وامرأته هند بنت عتبة كافرة بمكة، ومكة يومئذٍ دار حرب، وكذلك حكيم بن حزام، ورواه المزني عن الشَّافعي بنحوه في السنن.
(٢) قال الشيخ البلقيني: ما قاله البغوي في ذلك هو الفقه، وقول المصنف لكن ترتب إسلام الولد الخ ضعيف فالحكم للتابع متأخر عن الحكم المتبوع وحينئذٍ فلا يحكم للولد بالإِسلام حتى يصير الأب مسلماً وذلك مقتضى للتقدم في إسلام الأب والتأخر في إسلام الولد بالزمان، وبه يظهر تقدم إسلام الزوجة على إسلام الزوج والله أعلم انتهى.
وما قاله البغوي نقلاً عن الخادم عن القاضي الحسين والمتولي والخوارزمي ثم ذكر كلام شيخه البلقيني ولم يعزه له ثم ذكر بحث الشيخ السبكي أن العلة هل تقارن المعلول أو تتأخر عنه، فإن قلنا تقارن صح بحث الرافعي وإن قلنا بالتأخر اتجه ما قاله البغوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>