للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمام العدة، فالطَّلاق موقوفٌ أَيضاً، فإن اجتمعا على الإِسْلام في العدَّة، تبيَّن وقوعه، وتعتدّ من وقت الطلاق، وإلاَّ، فلا طلاق.

وَحَكَى الأَمَامُ أَن من الأَصحاب مَنْ جعَل الطلاقَ عَلَى قولَيْ وقْفِ العُقُود، وقال: لا يقَعُ في قول، وإنِ اجتَمَعَا على الإِسْلاَم [قبل انقضاء العدة] وأَجراهُمَا فيما إِذا أَعْتَقَ عبد أبيه على ظنِّ كَوْنِهِ حَيًّا، فَبَانَ ميتاً، كما لو باع عَلَى ظنِّ أنه حيٌّ فَبَانَ ميتاً، والمذهب الأَول، فإِنَّ الطَّلاَقَ والعتاق يقبلان صريحِ التعليق، فأوَلى أَن يقبلا تقدير التعليق، وكذا يتوقَّف في الظهار وفي الإِيلاء، ولو قذَفَها، فإن لم يجْتَمِعا على الإسْلاَم في مدَّة العدَّة، لم يلاعن، وَيُعَزَّر إن كَان التخلّف من الزوجة، ويُحَدُّ إِنْ كان هو المتخلَّف وإِن اجتمعا عَلَى الإسْلاَم، فله أَن يلاعِنَ لدَفْع الحد أَو التعْزِيرِ ولو أَن الزوْجَ حين سَبَقَ إِلى الإِسَلام، والزوجةُ وثنيةُ نَكحٌ في زمان التوقُّف أُختها المسلمة أَو أَربعاً سواها، لم يصحَّ، وكذا لو كان طلَّقها طلقةً رجعيةً في الشِّرْكِ، ثم أسْلَم، ونكح في العدَّة أُختها المسلمة أَو أَربعاً سواها؛ لأَنَّ زوال نكاحها غير متيقن، فلا ينكح من لا يجوز له الجمعُ بينهما وبين المتخلِّفة.

وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: يتوقَّف في نكاح من ينْكِحُها، كما يتوقَّف في نكاح المتخلِّفة، فإن أَسلمتِ المتخلِّفة، تبيَّن بطلانُ نكاح الثانية، وإِن أَصرَّتْ، حتى انقضتِ العدَّة، تبيَّن صحَّتُهُ، وتوافقه طريقةٌ حكاها الإمام عن بعْضِ الأَصحاب، وهي أَنَّا نجْعل هذا النكَاحَ على قولَيْ وقْفِ العقود، فإن قلْنَا بالتوقُّف، توقَّفنا، كما ذكره الْمُزَنِيُّ، والمشهورُ منْ كَلام الأَصحاب القطْعُ بالمِنعَ، وهو نَصُّ الشَّافِعِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وفرَّقوا بينه وبين ما إذا باع مال أبيه على ظن أنه حيٌّ أَو زوَّج جاريته [على ظن أنه حيُّ] (١)، ثم بَانَ ميتاً؛ بأن هناك المغنَى المجَوِّزُ للتصرُّف قائمٌ في الحال، لكنْ لم يعلَمْه المتصرِّف، وإصرار المتخلِّفة إِلى انقضاء العدَّة ليس حاصلاً في الحال، وإنَّما هو متعلِّق بالاستقبال والله العالمِ به وهذا المعنى، إن اقتضى الفرق بين ما نحن فيه، وبين ما إذا باع مالَ أَبيه علَى ظن أنه حيٌّ، فإنه لا يقتضي الفرق، وبين ما إِذا باع مال الغير، [فإنا نوقفه] (٢) على الإِجازة في قول، وهي أَمرٌ يتعلَّقِ بالاستقبال، ويُشْبِه أَن يكون الذي ذكره الأَصْحَابُ مُفَرعاً عَلَى ظاهر المَذْهَب، وهو أن العْقُود لا تتوقَّف على الإِجَازَةِ ولو سَبَقَتِ المرأةُ إِلى الإسْلاَمَ، ونكح الزوْجُ في تخلُّفه أَختها المُشْرِكَة، ثم أَسلم مع الثانية، فإن كان ذلك بعد انقضاءَ عدةِ السَّابقة، أُقِرَّتِ الثانيةُ تحته، واِن أَسلم قبل انقضاء عدتها، فله أن يختار منْهما ما شاء.


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: فإنما يوافقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>