نصحِّحْها، وجب مهر المثل، ثُمَّ عن القَفَّالِ: أَنه عدَّ من صور الاندفاع ما إذا نكَحَ المِشْركِ مَحْرَماً له، ثم أسلم، وجعل وجوب نصفْ المهْرُ علي القولَيْن، ورأىَ الإِمَامُ القطْعَ بأَنه لا شيء للمَحْرِم من المهر وقال: لا نقول بأنه انعقد العَقْد عليها، ثم انْدَفَعَ، وانفسخ في الإِسلام، وإنَّما ذلك في الأُختِ المفَارَقَةِ من الأُخْتَيْنِ، وفي الزائداتِ على الأَربع، والمواَفق لإِطلاقُ الكتابِ وغيره الأَول.
وقوله في الكتاب مسألة الطلاق في الأَصل المبنى عليه "في قول" يجوز إِعلامه بالواو؛ لقطع من نفي الخلافُ فيهما.
وقوله "حَتَّى لا يثبت الْمَهْرُ عَلَى هَذَا الْقَولِ أَراد به ما إِذا لم يَجْرِ" دخول.
وقولُه "يثْبُت على قول الصحة" أَي شيء منه، وهو النصف، لا أَنه يثبت كلُّه، ولا يمكن إِجراء اللفظ على إِطلاقه في حالَتَيْ وجودِ الدُّخُول وعدمه؛ لأَنه إِذا وْجِدَ الدخولُ يَثْبُتُ المهر، وصحَّحنا أنكحتهم أو لم نصحِّح، إن صَحْحْنَا فالمسمَّى، وإِلاَّ، فمهر المثل، فكيف نقولُ: لا يثبت المهر إِلى آخره.
قَالَ الرَّافِعِي: هذا فرْعٌ لابنِ الْحَدَّادِ يَدْخُلُ في "مسألة الطلاق" المذكورة في الفصل السابق، وصورته: مشْركٌ نكح أختَيْن، وطلَّقهما ثلاثاً، ثم أسلم وأَسلمتا، قال: يُخيَّر بينهما، كما لو أَسْلَموا، ولا طلاقَ، فإذا اختار إحداهما، يثبت نكاحها، ونَفَذَ فيها الطلقاتِ الثلاثُ، ولا بدّ فيها من المحلِّل، وَاندفعت الأخْرَى بِحَقِّ الإِسْلاَم، ولا يُحتاجُ فيها إِلى المحلِّل. قَالَ الأصْحَابُ بعده: يُبْنَى الفَرْعُ على أَن أنكحتهم صحيحةٌ أم لا؟ إن صحَّحناها، نفذت الطلقات فيهما، ولم ينكح واحدةً منهما إلا بمحلل، وان أفسدْنَاها، فلا نِكَاحَ، وَلاَ طَلاَقَ، وَلاَ حَاجَةَ إِلى المحلِّل في واحدةٍ منهما، وإن قلنا بالتوقف، فلو لم يكن طلاقٌ، لكان يَخْتَارُ إحداهما ويتبين بذلك صحَّةُ نكاحِهَا، وفسادُ نكاح الأُخرَى، فإِذا طلَّقهما أُمِرَ بالاختيار، لينفُذَ الطلاق في المنكوحَةِ منْهما، فَجَوابُ ابنُ الْحَدَّادِ يتخرَّج علَى قول التَّوَقُّفِ، ولذلك قيل بأن ميله في أنكحتهم إلى التوقُّف، ولو أَنه أسْلَمَ مع الأختين، وهما تحته، ثم طلق كل واحدة منْهما ثلاثاً، فَالجَوَابُ هاهنا التخييرُ لا غير؛ لأَنَّهم لَمَّا أسْلَمُوا، اندفع نكاحُ إحْدى الأختَيْن، وإِنما ينفذ الطلاقُ في المنكوحة، ولو