أسْلَمَ هو دُونِهمَا، أو أسلمتا هما دونه، وكذلك يخير الزوج؛ لأَنه، والحالة هذه، لا يُمْسِكُ إِلا إحْدَاهما وينفسخ نكاحُ الأُخْرَى من وَقْتِ إسْلاَم من تقدَّم إِسْلامُه منهم، ولو كان تحْت الشرك أَكثر من أربع، [و] طلقَّهن ثلاثاً ثَلاثاً ثَم أسلموا، فعلى التصحيح [تَنْفَذُ الطلقات منهن جميعاً على التوقُّف يختار أربعاً منهن فينفذ فيهن](١) الطلقات الثلاثُ دون البواقي.
وذكر الشيخ أَبُو عَلِيٍّ على قياس الفَرْع؛ أَنه، لو كانت تحته خرَّةٌ، أو أَمَةٌ، فطلَّقها ثلاثاً ثلاثاً، ثُمَّ أَسْلَموا، لم يجُزْ له أن ينكح واحدةً منهما إلا بمحلِّل، ولو أَسلموا، ثُمَّ طلَّقها ثلاثاً، ثلاثاً، وقَع الطَّلاَقُ على الحُرَّة؛ لأنَّها تتعيَّن بالإسْلام، ويندفع نِكَاحُ الأَمة، ولا يحتاج في نكاحها إِلى المحلِّل، وكذا لَوْ أسْلَمَتَا، فطلَّقهما ثلاثاً، ثم أسْلم الزوْجُ أو أَسلم الزوج، وطلَّقها ثلاثاً ثلاثاً، ثم أَسْلَمَتَا؛ لأَن الإِسْلام، لَمَّا جمع الكلَّ، بان اندفاع نكاح الأَمة من وقْتِ إِسلام من تَقدَّم إِسلامه منْهم، واعْلَمْ أن ابنَ الْحَدَّادِ ذَكَرَ فيمَنْ أسلم عَلَى أخْتَينِ، لم يَدْخُلْ بهما، واختار إحداهما أَنه يجبُ للأُخْرَى المفارقة نصْفُ المسمَّى، فإن لم يسم شيئاً، فالمتعةُ، وهذا على ما قدمنا أَن حكْمَ المهْر مبنيٌّ على صحة أَنكحَتهم، وجوابه في مسألة الطلاق خُرِّجَ على قول التوقُّف دون الصحة، فأخذت عليه ذلك.
وقيل: كان من حقِّه أن يجري فيهما على طَرِيقٍ وَاحِدٍ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إِذا أَصدق الكافر امرأته صداقاً فاسداً كخمر وخنزيرٍ، ثم أَسلما، نُظِرَ، إن أسلما بعْدَ قبض ذلك الفاسدِ، فلا شيْء لها؛ لانفصال الأمر بينهما، وانتهاء النكاح إلى حالة انقطاع الطلبة، وما مضَى في الكفر لا يتبع.
وإِن أَسْلَما قبل قبضْه، وجب مهر المثل؛ لأنَّها لم تَرْضَ إِلاَّ بالمهر، والمطالبة بالخمر في الإِسلام ممتنعةٌ، فيرجع إِلى مهْر المِثْل، ويُجْعَلُ كما لو نَكَحَ المُسْلِمُ على خَمْر.
وعن صَاحِب "التَّقْرِيبِ" والشيخ أَبي محمد حكايةُ قولٍ فيما إذا أَسْلَمَا بعْد القبض؛ أَن لها مهْرَ المثل، لفَسادِ القبض الجارِي في الشِّرْك، وقول فيما إِذا أسْلَمَا قبل القبض؛ أَنه لا شيْءَ لها؛ لأَنها قد رضِيَتْ بالخمر، فيدَامُ عليها حكم رضاها، وقد تعذَّر قبْضُ الخَمْر بعد الإِسلام، فسقَطَتِ المطالبة، والمذهب المشهورِ الفَرْقُ بين الحالتين