للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما تقدَّم، ولا فرق بين أَن يكون المسمَّى خَمْراً في الذمة، أو خمراً معيَّنة، وعن أَبِي حَنِيْفَةَ -رضي الله عنه- أَنّ في الخَمْرِ المُعَيَّنَةِ، لَيْسَ لَهَا إلاَّ الْمُسَمَّى، ولا رُجُوعَ إِلى مَهْرِ الْمِثْلِ.

ولو أَصْدَقَها حُرّاً مُسْلِمًا استرقُّوه، ثم أسلَما إما قبل القبض أَو بعده، فلا نقرِّه في يدها، بل يَبْطُل ما جرَى، ويوجب مهْرَ المِثْلِ، هكذا (١) ذكروه، وقياس ما سبق أَن يَخْرُجَ من يدها، ولا ترجع بشيء كما تراق الخمر المقبوضة، ولا ترجع بشيء، وإِن قبَضَت بعض الصداق الفاسد دون بعض، ثم أَسلما، وجب من مهر المثْل بقسْطِ ما لم يقبض، ولا يجوز تسليم الباقي من الفاسد، وليس كما لو كاتب الذمَّيُّ عبده علَى عوض فاسد، وقبض بعْضَه، ثم أسلما حيث يُسلِّم إِلى المكاتِبُ ما بقي من الفاسد، ليحصل العتق، فإنَّ العِتْقَ في الكتابة يَحْصُلُ بحصول الصفة، ثم يلزمُهُ تمام قيمته، ولا يحطُّ منها قسْطَ المقبوض في الكفر؛ لأَن العتْقَ يتعلَّق بأداء آخر النجوم، وأنه وقع في الإِسلام، فكان بمثابة ما لو كاتَبَ المُسْلِمُ علَى عوض فاسد يَحْصُل العتْقُ بوجودِ الصِّفَة، ويجب عَلَى المكاتَب القيمةُ، وطريقُ تقسيطِ مهْرِ المثْل على المقبوض، وغير المقبوض أَن ننظر إِن سميا جنساً واحداً، ولم يكنْ فيه تعدُّد، كما لو أَصْدَقَهَا زِقَّ خَمْر، وقبضت نصفه، أَو ثلثه، ثم أسْلَمَا، فيجب نصْفُ المهر، أَو ثلثاه، وإِن تعدَّد المسمَّى، كزِقَّيْ خَمْرٍ، قبضت أَحدهما، فإِن تساوَيَا في القَدْر، فذاك، وإِلا فوجهان:

أحدهما: وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَنه لا يُنْظَر إِليه، ويعتبر العَدَد.

وأقْيَسُهما: النَّظَرُ إِلى القَدْر، وعلَى هَذَا؛ فالذي يوجَدُ في كلام أكَثرهم أَنَّه يعتبر الكَيْل، وفيه وجه [آخر] (٢)؛ أَنه يعتبر الوزن؛ لأَنه أَحصر، ولو أَصدقها خِنْزِيرَيْنِ، وقبضت أَحدهما، فإن اعتبرنا العدَدَ، لم يخْفَ [الحكمُ] (٣)، وإن نظَرْنا في الخَمْر إِلى القَدْر، فههنا تُقدَّر قيمتهما بتقدير ماليتها، ويُقسَّط مَهْرُ الْمِثْل عَلَى الْقِيَمَتَيْنِ، ويرْوَى هذا عن ابْنِ سُرَيْجٍ، وإنْ كانا قد سَمَّيَا جنسَيْنِ، فصاعداً كزِقَّى خمر [وكَلْبَيْنِ] (٤) وثلاثة خنازير، وقبضت إحدى الأَجناس فثلاثة أوجه:

أَحدها: أنه يُنْظَر إِلى الأَجناس، ويقال: قد قبضت ثُلُثَ المَهْر.


(١) قال الشيخ البلقيني: قوله "هكذا ذكروه" يقتضي أن الأصحاب قالوه فقط وليس كذلك فقد نص عليه الشَّافعي في سير الواقدي من الأُم فقال: ولو تزوجها حر مسلم أو مكاتب لمسلم أو أم ولد لمسلم أو عبد لمسلم ثم أسلما وقد قبضت أو لم تقبض لم يكن لها سبيل على واحد منهم كان الحر حراً ومن بقي مملوكاً لمالكه الأول والمكاتب مكاتب لا يملكه ولها مهر مثلها في هذا كله. انتهى.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: وكلتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>