وقيل: يعتبر قيمتها عند من يَجْعَلُ لها قيمةً، ويقدَّر كأَنَّ الشرْع جعلها مالاً، كما تقدَّر الحرُّ رقيقاً في الحكومات، ويشبه أَن يكون أَولَى من اعتبارهما بجنس آخر من الحيوانات.
وقوله في الكتاب "باعتبار قيمة الخمر" محمولٌ على ما إذا كان هناك تعدُّدٌ، فأما الزق الواحد، فيضبط المقبوض، وغير المقبوض منه بالجزئية، ثم لْيُعْلَمْ بالواو؛ لوجه اعتبار العدد، ولو ترابى كافران، فباع هَذَا دِرْهماً من ذاك بِدْرهَمَيْن، أو أقرضه درْهماً بِدرْهَمَيْن، ثم أسلما، أو ترافعا إِلينا قبله، فإن جرى التقابُضُ من قبلُ، لم نتعرَّض لما جَرَى، ولم يلزم الرد، وإِن كان قبل القبض، أَلْغيْنَاه، وإِن كان بعد قبض الدرهَمَيْنِ، راجعنا المؤَدِّي، وسألنْاه أقصد، أداءه عن الرِّبْح، أو عن رأس المال، وقدْ ذكَرْنا التفْصيل فيه في أواخر "كتاب الرَّهْنِ" وجميع ما ذكرناه، فيما إِذا جرى القبضُ عن تراضٍ، فأما إِذا جرى القَبْضُ بإِجْبَارِ قاضيهم في [ترابيهم](١) وفي تسلُّم الصداق الفاسد، وفي ثمن الخَمْر، إِذا باعوها، ثم أَسلموا لم نُوجِب الرَّدَّ، فالإِسْلام يَجُبُّ ما قبله، وإِن ترافعوا إِلَيْنا، وهمْ علَى كفرهم، فقولان، ويقال وجهان:
أَحدهما: أَنَّا نكلِّفهم الردَّ؛ لأَن المؤدِّي، كان مُجْبَراً، والترافُعُ لا يَجُبُّ ما قبله.
وأَصحهما: أَنَّ لحكم كما لو جَرَى القبض عن تراضٍ، وكما لو أسلموا.
وعن الشيخ أَبي مُحَمَّدٍ طَرْدُ الخلاف، فيما إِذا أَسلموا، وقد جرى القبض بإِجبار قاضيهم.
وقال الإِمام: وهو منقَاسٌ؛ لأَن الالتزامَ بالتَّرافُعِ أَضعفُ من الالتزام بالإِسْلاَم، وإِذا ألزمنا المتَرافِعَيْن حكم الإِسلام، فَلأنْ نلزمه للمسلمين، كان أَولَى.
فرع: لَوْ نكح الكافرُ على صورة التفويض، وهم يعتقدُونَ أنْ لا مَهْرَ للمفوّضة بحال، ثم أسلم، فلا مهْرَ، وإِن كان الإِسلام قبل الْمَسِيسِ، لأَنه قد سبق استحقاق