للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرتين. وأما ذكر المصنف للمطروق في صورة المسألة فليس للتقييد؛ لأن رواية صاحب "التقريب" مطلقة ولعله إنما ذكره؛ لأن إقامة الجماعة بعد الجماعة إنما تتفق غالباً في المساجد المطروقة -والله أعلم-.

وثالثهما: صلاة الرجال، ففي جماعة النساء ثلاثة أقوال حكاها في النهاية.

أصحها: وهو نصه في "الأم" و"المختصر": أنه يستحب لهن الإقامة دون الأذان، أما أن الأذان لا يستحب، فلأن الأذان للإبلاغ والاعلام، ولا يحصل ذلك إلا برفع الصوت، وفي رفع النساء الصوت خوف الافتتان، وقد روى عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، أنه قال: "لَيْس عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ" (١) وأما أن الإقامة تستحب فلأنها لاستفتاح الصلاة واستنهاض الحاضرين فيستوي فيها الرجال والنساء، فلو أذنت على هذا القول من غير رفع الصوت لم يكره، وكان ذكراً لله تعالى.

والثاني: أنه لا أذان ولا إقامة، أما الأذان، فلما سبق، وأما الإقامة فلأنها تبع الأذان.

والثالث: أنه يستحب الأذان والإقامة؛ لما روى عن عائشة -رضي الله عنها-: "أَنَّهَا كَانَتْ تُؤَذِّنُ وَتُقِيمُ" (٢).

ثم لا يختص هذا الخلاف بما إذا صَلَّيْنَ جماعة بل هو جار في المرأة المنفردة، ولكن بالترتيب على الرجل، إن قلنا: لا يؤذن الرجل المنفرد فالمرأة أولى، وإن قلنا يؤذن ففي المرأة هذا الخلاف.

وقوله: "ولا يرفع الصوت بحال" أي: لا ترفع المؤَذِّنَةُ صوتها فوق ما تسمع صواحبها، ويحرم عليها أن تزيد على ذلك.

قال: "في النهاية" وحيث قلنا: في أذان الجماعة الثانية في المسجد الدم أقيم فيه الجماعة الأولى والأذان الراتب: إنه لا يرفع الصوت فلا يعني به [أنه يحرم الرفع، بل يعني به الأولى أن لا يرفع، وإذا قلنا إن المنفرد لا يرفع صوته به ولا يعني به] (٣) أن الأولى أن لا يرفع فإن الرفع أولى في حقه، ولكن يعني به أنه يعتد بأذانه دون الرافع.

ورابعهما: المفروضة، فليس في غير المفروضة أذان ولا إقامة، سواء فيه الصلاة


(١) أخرجه البيهقي (١/ ٤٠٨) بإسناد صحيح، ورواه مرفوعاً بإسناد ضعيف.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١/ ٤٠٨) وابن المنذر، والحاكم في المستدرك، انظر الخلاصة (١/ ١٠٦).
(٣) سقط في أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>