للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي يسن له الجماعة كالعيدين والكسوفين والاستسقاء، والتي لا يسن كصلاة الضحى، لأنه لم ينقل الأمر به عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا عن خلفائه الراشدين -رضي الله عنهم- ولكن ينادي لصلاة العيدين والكسوفين والاستسقاء "الصَّلاةَ جَامِعَةٌ" (١) وكذلك لصلاة التراويح إذا أقيمت جماعة، واختلف الناقلون في صلاة الجنازة فعدها المصنف من جملة ما يستحب فيه هذا النداء، وكذلك نقله القاضي ابن كج وآخرون.

وقال الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وطبقته: لا يستحب لها الأذان والإقامة ولا هذا النداء، ووافقهم صاحب "التهذيب" فلا بأس لإعلام قوله: "بل ينادي لها "الصلاة جامعة"" لهذا السبب.

وخامسها: المؤداة، ففي الفائتة ثلاثة أقوال:

الجديد: أنه لا يؤذن لها؛ لما روي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "حُبِسْنَا عَنْ الصَّلاَةِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْمَغْرِب هَوَيَا مِنَ اللَّيْلِ فَدَعَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِلاَلاً فَأَقَامَ لِلْظُّهْرِ فَصَلاَّهَا ثُمَّ أَقَامَ لِلْعَصْرِ فَصَلاَّهَاَ ثُمَّ أَقَامَ لِلْمَغْرِبِ فَصَلاَّهَا ثُمَّ أَقَامَ لِلْعَشَاءِ فَصَلاَّهَا وَلَمْ يُؤَذِّنْ لَهَا مَعَ الإقَامَةِ" (٢).

والقديم: أنه يؤذن لها، وبه قال مالك، وأبو حنيفة وأحمد لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- كان في سفر فقال: "احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلاتَنَا" (٣) يعني ركعتي الفجر فضرب على أذانهم فما أيقظهم إلا حر الشمس فقاموا فساروا هيبة، ثم نزلوا فتوضأوا، وأذن بلال فصلوا ركعتي الفجر، وركبوا. وقال في "الإملاء": إن أمل اجتماع قوم يصلون معه أذن، وإلا فلا.

قال الأئمة: الأذان في "الجديد" حق الوقت، وفي "القديم" حق الفريضة، وفي "الإملاء" حق الجماعة. وهذا الخلاف في الأذان.

أما الإقامة فنأتي بها على الأقوال كلها، ثم استفيد من هذا الخلاف شيئان:

أحدهما: أن الفرق في المنفرديين أن ينتظر حضور جمع أو لا ينتظر مخرج من قول "الإملاء" مصيراً إلى أن الأذان حق الجماعة، حكى تخريجه منه عن أبي إسحاق المرْوزي.

والثاني: ظهور القول بأن المنفرد في المؤداة [يؤذن، ولولاه لما خض الفائتة في هذه الأقوال بالتنصيص عليها، ومتى استثنى الخلاف في المنفرد بالمؤداة هل] (٤) يؤذن


(١) أخرجه الشافعي (١٥٤) والنسائي (٢/ ١٧) وأحمد في المسند (٣/ ٢٥) وأبو يعلى (١٢٩٦) والبيهقي في السنن (٣/ ٢٥١) وقال البيهقي في خلافياته: رواته كلهم ثقات انظر الخلاصة (١/ ١٠٠).
(٢) قال الحافظ أخرجه الشافعي، التلخيص (١/ ١٩٤ - ١٩٥).
(٣) أخرجه البخاري (٥٩٥) ومسلم (٦٨١) من رواية أبي قتادة.
(٤) سقط في ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>