قَالَ الرَّافِعِيُّ: هذه اللفظة أَعْنِي قولَنا الطرف الثاني في جوب الاختيار ألحق بالكتاب؛ لأنه قال في أول الفصْلِ وفيه طرفان، ثم لم يَنُصَّ على الطَّرف الثاني، وإن أتَى بمسائله، والفقه: أنَّ مَنْ أَسْلَمَ على أكثرَ من أربعِ نسوةٍ، وأسلمن معه، أو بعده في العدَّة، أو أصرَرْنَ، وهُنَّ كتابياتٌ، تقع الفرقة بينه وبين الزيادة على الأربع بالإِسلام، وعليه الاختيار والتعيين، فإن امتنع حبس، وإن أصر، ولم يُغْنِ الحبس، غُرَّرَ بَمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنَ الضَّرْبِ وغيره.
وَحَكَى أَبُو الْفَرَج السَّرْخَسِيُّ عن ابْنِ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ لا يُضَمُّ الضَّرْبِ إلى الحَبْسِ، ولكنْ يشدَّد عليه الحَبْسُ، فَإِنْ أَصَرَّ عُزِّرَ ثانياً وثالثاً إلَى أن يختار، فإنْ جُنّ أو أُغْمِيَ عليه في الحَبْس، خُلِّيَ إلَى أن يفيق، ولا يختار الحاكِمُ على الممتنع بخلاف المُوْلِى، إذا امْتَنَعَ من الطلاق، والفيئة حيث يطلق القاضي عليه على الصحيح؛ لأن هذا اختيارُ شهوة، ولا يَدْرِي القاضي أنَّه إلى أيتهن أميل؛ ولذلك لا يَجُوزُ التوكيلُ فيه، ولو مَاتَ قبل الاختيار لا يقوم وارثُهُ مَقَامَه، وأيضاً، فإن حَقَّ الفراقِ لاَ يَثبُتُ لمعيَّنه، وهُنَاكَ، يثبت الحقّ لمعيَّنة فينُوبُ القاضي عنه في توفيته.
قَالَ الإِمَامُ: وإذَا حبس، فلا يعزَّر على الفَوْر، فلعلَّ له، في التَّعْيينِ فِكْراً، وأقْرَبُ مُعْتَبَر فيه مدَّةُ الاستتابة، واعتبر القَاضِي الرُّوَيانِيُّ في "الإمْهَالِ" الاستنظار، فَقَالَ ولو استنظر، أنظره الحاكِمُ إِلَى ثلاثةِ أيَّامٍ، ولا يَزِيدُ ويجبُ عليه نفقتُهُنَّ جميعاً إلى أن يختار؛ لأنَّهنَّ في حبسه وخيالته، ثم في الفصل مسألتان:
المسألة الأولى: إذا ماتَ قَبْلَ التَّعْيينِ، فإن لم يكنْ قَدْ دخل بِهِنَّ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ أن تعتدَّ بأربعة أَشْهُرٍ وعَشْر؛ لأن كلَّ واحدةٍ تحتملُ أن تكونَ زوجةً، وإنْ كان قدْ دخَلَ بِهِنَّ، فمَنْ هي حاملٌ منْهن، فعدَّتها بوضع الحمل، والتي هي حائلٌ، ينُظْرَ فيها، إن