للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانتْ من فوات الأشهر، فتعتدُّ بأربعة أشهر وعشر، وإن كانتْ من فوات الأقراء، فعليها أن تعتدَّ بأقصى الأجلَيْنِ من أربعة أشهر وعشرٍ أو ثلاثةِ أقراءٍ، فإن رأتِ الأقراءَ قبل تمام هذه المدَّةِ، أكملت المدَّة، وإن مضت المدة قبل تمام الأقراء، فتصير إلى انقضاء العدة بالأقراء، وذلك؛ لأن كلَّ واحدة تحتملُ أنْ تكونَ زوْجَةً، فعلَيها عدَّةُ الوفاة، ويحتمل أن تكونَ مفارقةً في حال الحياة، فعَليْها أن تعتدَّ بالأقراء والأشهُرُ تعتبر من وقت المَوْت، وفي الأقراء وجْهان، ويقال: قولان:

أحدهما: أنَّهَا تعْتَبَرُ من وقْتِ المَوت أيضاً؛ لأنَّها لاَ تتيقَّن قبل ذلك [شروعها] (١) في العِدَّة.

وأصحهما: الاعتبارُ مِنْ وقْت إسْلاَمِهِما، إن أسلما معا، ومنْ وقْتِ إسلامِ مَنْ سَبَق إسلامه، إن أسلما على التعاقُبِ؛ لأن الأقراءَ إنَّما تجب لاحتمال أنَّها مفارقةً منفسخة النكاح، والانفساخُ يَحْصُلُ من يومئذٍ.

المسألة الثانية: إذا مَاتَ قَبْلَ التعيين، وقَفَ لَهُنَّ رُبُعَ الْمِيرَاثِ أو الثُّمُنَ عائلاً، أو غَيْرَ عَائل، على ما يقتضيه الحالُ إِلَى أن يصطلِحْنَ، فيقسم بينهن على حسب اصْطِلاَحهنَّ من التساوِي أو التَّفَاضُل، وفي "النَّهَايَةِ" أنَّ صاحب "التَّقْرِيبِ" حَكَى عَن ابْنِ سُرَيجٍ أن الرُّبُع أو الثمُنَ يوزَّع بينهن؛ لأن البَيَانَ غيْرُ متوقع، وهنَّ جَميعاً معترفاتٌ بشمولِ الإِشْكَال، وبأنه لا مَزِيَّة لبعضْهِنَّ على بعض، ولَيْسَ هذا كما إذا قال لإحدى زوجَتَيْهِ إنْ كان هذا الطَّائِرُ غُرَاباً، فَأَنْتِ طَالِقٌ.

وقال للأخرَى إن لم يكن غراباً فأنت طالق، وأشكل الحال، فإن هناك الالتباس علينا، واللهُ تَعَالَى يَعْلُمُ حَالَ الغُرَابِ، ويعلم الطَّالِقَ مِنْهُمَا، وهاهنا لا يمكن أن يقال إنه يعلم المختارات مع أنه لم يوجد منه اختيار، نعم يعلم أنه من كان يختار لو اختار، وإلى هذا الوجْهِ مَيْلُ الإمام، والمشّهُورُ الأول، وإنْ كان تَحْتَه ثمانِ نسوةٍ مثلاً، وَفِيْهِنَّ صَغِيرَةٌ، أو مَجْنُونَةٌ، صَالَحَ الولِيُّ عنها، ثُمَّ فِيهِ وَجْهَانِ:

أحدهما: أنه لا يصالِحُ على ما دُونَ رُبُعِ الموقوف؛ لاحتمال أَنَّها زَوْجَةٌ.

وأصحهما: أنه يجوز أن يَنْقُصُ عن الربع؛ لأنا لا نَتيقَّنَ لَهَا حَقَّاً، لكنَّها صاحبةُ يدٍ في ثمن الموقوف، فإنه موقوف بين ثَمَانٍ، فلا يجوز أن ينقص عن الثمن؛ وهذا إذا اصْطَلَحْنَ جميعاً، وَلَوْ طَلَبَ بعضهن شيئاً، ولم يصْطَلِحْنَ جميعاً، فلا يدفع شيئاً إلى الطَّالِب إلاَّ [باليقين] (٢)، ففي ثمانِ نِسْوَةٍ، لو طلبت واحدةٌ لا يدفع إلَيْها شيْء،


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: بالتعيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>