للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا يَحْدُثُ منه ويتولَّد، وفيه وجُه آخَرُ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وجهَيْن: في أنه إِذَا فُسِخَ النِّكاحُ بِالْعَيْب، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَيْبٌ، هَلْ يُحْكَمُ ببُطلاَنِ الْفَسْخِ وَاسْتِمْرَارِ النِّكَاح (١)؟ ولَو قال: عَلِمْتُ عَيْبَ صاحبي، ولكني لم أعلم أنَّ الْعَيبَ يُثْبِتُ الْخِيَارِ، ففيه طَريقان:

أشبههما: أَنَّهُ على القولَيْنِ في نظيره من خِيَارِ العِتْق، وسنذكرهما.

والثَّانِي: القطْعُ بأنَّهُ لا يُعْذَرُ، والفَرْقُ أن الخِيَار بالعَيْبِ مشهورٌ في جنْسِ العُقُود، وخيار العتْق بخِلاَفِهِ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (السَّبَبُ الثَّانِي: الغُرُورُ) ومَهمَا شُرطَ في العَقْدِ إسْلاَمُهَا أَوْ نَسَبُهَا أَوْ حُرِّيَّتُهَا أَوْ نَسَبُهُ أَوْ حُرِّيَّتُهُ فَاخْتَلَفَ الشَّرْطُ فَفِي صِحَّةِ العَقْدِ قَوْلاَنِ، وَإِنْ صَحَّحْنَا فَفِي خِيَارِ الخُلْفِ قَوْلاَنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: السبب الثاني من أسباب الخيار الغرور بالاشتراط، فإذا شُرِطَ في

العقد إسلامُ المنكوحة، فَبَانَ أنَّهَا ذِمِّيَّةُ، أو شُرِطَ نسبٌ، أو حريَّةٌ في أَحَدِ الزوجَيْن، فَبَانَ خِلاَفُ الْمَشْرُوطِ، فَفِي صِحَّةِ النِّكَاحِ قَوْلاَنِ:

أصحهما: وبه قَالَ أبُو حَنِيْفَةَ واخْتَارَهُ المُزَنِيُّ: أنه صَحِيحٌ؛ لأنَّ الْخُلف في الشَّرْطِ لا يُوجِبُ فسادَ البَيْع مع أنَّه عرضة للفَسَادِ بالشُّروط الفاسدة، فأولَى ألا يوجب فَسَاد النكاح؛ وهذا لأنَّ المعقود علَيْه فيهما جميعاً عينٌ معينةٌ، وأنَّها لا تتبدَّل بالخُلِف في الصِّفَة.

والثاني: المنع؛ لأن النِّكَاحَ يعتمد الصفاتِ والأسماءَ دُون التْعِيين والمُشَاهَدَةِ، فيكون اختلاف الصفة فيه كاختلافِ العَيْن، ولو اختلفَ العَيْنُ بِأنَ قَالَت زَوِّجْنِي منْ زَيدٍ، فزوَّجها مِنْ عَمْرو، لم يَصِحَّ النِّكَاحُ، وكذلك ههنا، وقرب بعضهم القَوْلين من الخلاف، فيما إذَا قال: بعتك هذه الرَّمَكَةَ، والإشَارَةُ إلى بَقَرَةٍ، قال الإِمام: وتلك الصورة بعيدةٌ عن المسألة الَّتي نحْنُ فيها؛ لأن الرَّمَكَةَ لَفْظٌ مَوْضُوعٌ لموصوفٍ بصفاتِهِ، ليْسَ تعرّضاً لمجرَّد الصفة، والقولانِ فيمَا إذَا شَرَطَتْ حريته، فَبَانَ عَبْداً، مفروضانِ فيما إذا كان السيِّدُ قد أذِنَ لَهُ في النِّكَاحِ، وإلاَّ، لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ لِعَدَمِ الإذْنِ، وفِيمَا إذَا شَرَطَ حُرِّيَّتَهَا، فَخَرَجَت أَمَةً، مفروضانِ فِيمَا إذَا كَانَ السَّيِّدُ قَدْ أذِنَ في نِكَاحِهَا، وكان الزَّوْجُ


= كان في أحد اليدين فانتقل إلى الأخرى.
وقال الشيخ البلقيني: جزم في البيان فيما إذا كان في يد فانتقل لاخرى بثبوت الخيار وهو ظاهر.
(١) قال النووي: الصحيح بطلان الفسخ لأنه بغير حق.

<<  <  ج: ص:  >  >>