مِمَّنْ يَحِلُّ له نِكَاحُ الإِماء، فَإِنْ فَقَدَ أَحَدَ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ، لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ بِلاَ خِلاَف، ويجْرِي القولان في كُلِّ وَصْفٍ شرط، ثم تبيَّن خلافه، سواءٌ كان المشروط صفةَ كمالٍ؛ كَالْجَمَالِ وَالْيَسَارِ وَالشَّبَاب وَالْبَكَارَةِ، أو صفةَ نقصٍ، كأضدادِها، أو كان ممَّا لا يتعلَّق به كمالٌ ونقصانٌ، هذ هوَ الظَّاهِرِ، وفي "شَرْحِ مُختَصَرِ الْجُوَينِيِّ" أنَّهُمَا لا يجريان في جميع الصفات، وإنَّما هو في النسب والحرية، وما يُؤثِّر في الكفاءة.
التَّفْرِيعُ: إذا قُلْنَا ببطلان النكاح، وفرَّقَنا بينهما، فَلاَ شَيْءٍ على الزوْج، إِذَا لَمْ يَجْرِ دخولٌ، وإن جَرَى، فَلاَ حَدَّ؛ لشُبْهَةِ اختلاف العلماء، وعليه مَهْرُ المِثْل، ولا سُكْنَى لها، ولا نفقة في العدَّةِ، إِن كانت حائلاً، وإنْ كانتْ حاملاً، فعلى القولَيْنِ في أن النفقة للحَملِ أو للحَامِل، إن جعلْنَا هَذَا للحَمْلِ وَجَبَتْ، وَإِلاَّ، فَلاَ، وإنْ حَكَمْنَا بِصِحَّةِ النِّكَاح، فإن بَانَ الْموصُوف خَيْراً مِمَّا شَرَطَ فِيهِ، فَلاَ خِيَارَ، وَهَذَا كَمَا لو شرط أنها كتابيَّةٌ، فَبَانَتْ مسلمةً، أو أمةٌ، فَبَانَتْ حُرَّةً أو ثَيِّباً، فَبَانَتْ بِكْراً، وإن بَانَ دَوْنَ الْمَشْرُوطِ، فَقَدْ أطْلَقَ صَاحِبُ الْكِتَاب قولَيْن في ثُبُوتِ خِيَارِ الخُلف، ووجَّه في "الْوَسِيطِ" قولَ الثبوتِ بالقياس على البيع.
والقولَ الآخر، بِأَنَّ النِّكَاحَ بعيدٌ عن قبول الخيار، ولذلك لا يثْبُتُ فيه خيار الشرط، و [لا] خيار الرؤية، وسائر الأصحاب لم يطْلِقوا القولَيْن هكذا، وفصَّلوا، فقالوا: إذا شرط في الزوْج نسبٌ شريفٌ، فبان خلافُهُ [نُظِرَ](١) ولو إِنْ كان نسَبُه دون نَسَبِها، فَلَهَا الْخِيَارُ، وَإن رَضِيَتْ هي، فلأوليائِهَا الخيارُ؛ لفَوَاتِ الكفاءة، وإنْ كان نسَبُهُ مثْلَ نَسَبِهَا، أو فَوْقَه إلاَّ أنَّهُ دونَ المَشْرُوطِ، ففِيه قولان:
أصحُّهما: على ما ذكر في "التَّهْذِيبِ" أَنَّهُ لاَ خِيَارَ لَهَا؛ لأنها لا تتعيَّر به.
والثاني: يثبت؛ للتغْرِير، وَطَمَعِهَا في زيادة شرفه، وعن القاضي أبي حَامِدٍ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ: بأنَّه لا خيار لها، ولا خيارَ للأولياءِ؛ لأن الكفاءَةَ حاصلةٌ، والشرْطُ لا يؤثر في حقِّهم، وإن شُرِطَ في الزوجة نَسَبٌ، وبَانَ خلافُه، فطريقان.
أظهرهما: إثبات الخِيَارَ لَهُ، على ما ذكرنا في جانب الزَّوْجة، حَتَّى يكُونَ له الْخِيَارُ، إِذَا كان نَسَبُها دون نَسَبِهِ، ويجيءُ فيه القَوْلاَنِ فِيمَا إِذَا كَانَ نَسَبُهَا مِثْلَ نَسَبِهِ أو فَوْقَهُ.
والثَّاني: وهو اختيار الرُّوَيانِيِّ: أنه لا خِيارَ للزَّوْج، ووجَّهوه بمعنَيَيْنِ:
أحدهما: أنَّ الزوج متمكِّنٌ من تخليصِ نَفْسه بالطَّلاق، وإنَّما يثبُتُ الخيارُ في النِّكَاحِ عنْد الضَّرُورة.