للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو معْتَقَةً أو معتقة بصفة، فالكلامُ في صِحَّةِ النِّكَاحِ، ثم في إثْبَاتِ الخيار كما سبق فيما إذا خرجت قِنَّةً، نَعَمْ، إذا خرجَتْ مكاتَبةً، وفُسِخَ النكاحُ، فلا مَهْرَ لَهَا، إذا كان الغرورُ منْها؛ لأن المهر للمكاتَبَةِ، فلا مَعْنَى [للغرم] (١) لها، والاسترداد منْها، وَهَلْ يَجِبُ لَهَا أقلُّ ما يصلح مَهْراً فيه الخلافُ المذكورُ في العُيُوب، والأولادُ الحاصِلُونَ قبل العلم بالحال أحرارٌ، وعلى المَغْرور قيمتُهُمْ، ولمن تكون القيمةُ؟ يبنى ذلك على أنَّ وَلَدَ المكاتبَة قِنٌّ للسيد، أو مُكَاتَبٌ، تبعاً للأُمِّ، حَتَّى يَعْتِقَ بِعِتْقِها؟ فيه قولان، وإذا قُلْنَا مكاتَبٌ، فلو قتل فللقيمة للسيد، أو للمكاتَبَة تستعين بها في أداء النُّجُوم فيه (٢) قولان، مَوْضِعُ بيانهما "كتاب الكتابة" وإنْ قُلْنَا: إنه قِنٌّ للسيد، أو قلْنا: إنَّ القيمةَ له، وإن تَكَاتَبَ، فالمغرور ههنا يغرم قيمة الأولاد للسيد، ويرجع بها على الوكيل، وعليها، وإن غرت، فتأخذ من كسبها، فإن لم يكن لها كَسْبٌ، فهو في ذمَّتها إلَى أن تعتق.

وإنْ قُلْنَا: إنَّ القيمة لَهَا فَإِنَّ صدر الغرور منْها، لم يغرم القيمة لها، كالمَهْر، وإنْ صَدَر مِنَ الوكيل، غرم لها، ورجَع على الوَكيل.

فَرْعٌ: إذا حَكَمْنَا ببُطلانِ النِّكَاح للخُلْف في الشرط، فالرُّجُوع بالمَهْر، إذا غرم الزوج مَهْرَ الْمِثلِ، لجريان الدخول، والرجُوع بالقيمة إذا أولدها، وغرم قيمة الولد؛ على ما ذكرنا تَفْريعاً على تصحيح النِّكَاحِ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَو انْفَصَلَ الوَلَدُ مَيَّتاً فَلاَ قِيمَةَ لَهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بِجِنَايَةِ جَانِ فَيُغَرَّمُ عَاقِلَةُ الجَانِي الغِرَّةِ لِوَرَثَةِ الجَنِينِ، وَيُغَرَّمُ المَغْرُورُ عُشْرَ قِيمَةِ الأَمَّ للسَّيِّدِ فِي وَجْهٍ، وَفِي وَجْهٍ آخَرَ يُغَرَّمِ أَقَلِّ الأَمْرَيْنِ من عُشْرِ قِيمَةِ الأُمِّ أَوْ مَا سُلِّم لَهُ بِالوِرَاثَةِ مِنْ غِرَّةِ الجَنِينِ، لأَنَّهُ لَوْلاَ الغِرَّةُ لَمَا غُرِّمَ المَيِّتُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ما ذكرنا من وجوب قيمةِ الولدِ موْضِعُه ما إذا انفصل الجَنِينُ، حَيّاً، فأَمَّا إذا انْفَصَل مَيِّتاً، فيُنْظر؛ إن انفصلَ من غير جناية؛ لم يلزمه شيء؛ لأن حَيَاتَهُ غير متعينة، وحكَيْنا فيما إذا وطِئَ الغاصب، أو المشتَرِي منه الجاريةَ الْمَغْصُوبَةَ عن جَهْلٍ بالتحريم وأحبلها، وانْفَصَلَ الولَدُ ميتاً وجهاً: أنه تجبُ قيمته، ولو كان حَيّاً؛ لأن الظَّاهِرَ الحياة، فَلْيَجْرِ ههنا، وإِنِ انْفَصَلَ ميتاً بجنايةِ جانٍ؛ بأن ضَرَبَ ضَارِبٌ بَطْنَهَا، فأجهضت، فتُصوِّر ذلك على وجوه:

أحدها: أن تَصْدُر الجنايةُ من أجنبيٍّ، فَيَجِبُ علَى عاقلته غرة الجنينِ؛ لانعقاده


(١) في ز: للغرر.
(٢) قال الشيخ البلقيني: الأظهر من القولين أن القيمة للسيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>