للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الحرِّيَّة، وإذا انفصَلَ مضموناً، غرمه المغرور؛ لأنه يغرم له [فيغرمه] (١) عليه، كما أن العبْدَ الجانِيَ، إذا قَتل، تعلَّق حَقِّ المجنيَّ عليه بقيمته، ولو مات، لم يكُنْ على السيد شيْءٌ، وفي كتاب القاضي ابْنِ كَجٍّ أن أبَا إِسْحَاقَ ذَكَر وجهاً آخَر: أنَّه لا يُغَرَّمُهُ؛ لأنه لا قيمة للميِّت.

والظَّاهِرُ: الأول [وضمانه عشر قيمة الأم] (٢) فإن الجنينَ الرقيقَ يُضْمَن بهذا القَدْر، فإن كان قيمة الغرة مثْلَ عُشْر قيمة الأم، أو كانَتْ أكْثَرَ منه، فالمستحقُّ للسيد عُشْرُ القيمة، وإن كان العُشْرُ أكْثَرَ، فَوَجْهَانِ:

أظهرهما: عند الإِمام، وهو اختيار القاضي حسين ونسبه صَاحِبُ "التَّهْذِيبِ" إلى الْعِرَاقِيِّينَ: أنه يستحقُّ العُشْر؛ لأنه لو انفصل رقيقاً، والحالةُ هذه، لَوَجَبَ على اَلجانِي عُشْرُ قيمة الأم، فإذَا فوَّت على السيد ذلك، فله غُرْمه، وهذا كما أنه يستحقُّ قيمته عند انقصاله حَيّاً، وإن زادَت عَلَى قَدْرِ الدية.

والثَّانِي: أنَّه ليْسَ له إِلاَّ قدْرُ الغرَّة؛ لأن سبب غرامة الميت تقوُّمه، بالجناية، وَإِنَّمَا تقوم بالغرة، فلا يرتد الواجِبُ عليها، ويُعَبَّرُ عن هذا بأنَّ المستحقَّ أقلُّ الأمرَيْنِ من الغرَّة وعشر قيمة الأم، إلى هذَيّن الوجهَيْن يرجع ما حكاه أبو الفرج الزاز من اختلافِ الأصْحَابِ في محل الغُرْم المستحقُّ.

فمنهم من قال: إنّه على المغرور، والغرَّة تُسلَّم لورثة الجنين، وهذا بناءً على أن السَّيِّدَ يستحقُّ العُشْرَ، بسبب ما فوَّته المغرورُ عليه بظنِّه، وعلى هَذَا لا يُتوقَّف تغريمه على حصول الغرَّة له.

ومنهم من قال: إنما لم يستحقَّه السيد بتعلُّق بالغرة فيأخذ منها حقُّه، فإِن فضل شيء، كان لورثةِ الجَنِين، وهذا بناءً على أَنَّ ما يستحقُّه يستحقُّه بسبب الغرة فيتمسك بها، كما أن العبَد الجانِيَ إذا قَتَلَ، يتعلَّق حقُّ المجنيِّ عليه بقيمته، وعلى هذا، لا يغرم المغرور، حَتَّى يَأْخُذَ الغرَّة، وُينْظَر إِلَى ما يحْصُل له من الغِرَّة [فَإنْ كَانَ يجوز ميراث الجنين، فَذَاكَ، وَإلاَّ فيغرم أقل الأمرين من حصته من الغرة] والعُشْر، ولا يُتصوَّر أَنْ يَرِثَ مَعَ الأَبِ المَغْرُورِ إِلاَّ الجَدَّة أمِّ الأم، ولا تَسْقُط بالأمِّ؛ لأنَّها رَقِيقَةٌ، والظاهرُ الوجْهُ الأول.

وقوله في الكتاب: ["فتغر] (٣) عاقلة الجاني الغرَّة لورثة الجنين" يوافقه، وقرَّب بعضهم الوجهين في أَنَّ الواجِبَ عُشْرُ قيمة الأم، أو أقلُّ الأمرَيْنِ من القولَيْنِ في أنَّ


(١) في ز: يقوم.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>