للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانَتِ العدَّة من يومئذٍ، وفي "أمالي" أبي الفرج السَّرْخَسِيِّ وجْهٌ عن صاحب "التَّقْرِيبِ" أن الفسْخَ موقوفٌ، إن راجعها، نَفَذَ، وإلاَّ، فَلاَ، وإِذَا فسَخَتْ، فتستأنف عدةً أخَرى، أم يكفي بقيَّةُ تلك العدة؟ فيه قولان، كما لو طلَّق الرجعيَّةَ، طلقةَ أخرَى، وإذا قُلْنَا بالبناء، فتكمل عدَّةَ الحرائرِ، أم تكْفِي عدة الإِمَاءِ؟ فيه خلافٌ وموضع بيان ذلك "كتاب العدة" ولو أخَّرت الفسخ، فلَهَا ذلك، ولا يبطُلُ خيارُها؛ لأنها بصدَدِ البينونة، وقد لا يراجِعُها، فَيَحْصُل الفراقُ من غير أن تُظْهِرَ من نَفْسِها الرغْبةٍ عنه، ولو أجازَتْ، لم تنفذ الإِجازة؛ لأنَّها محرمةٌ منتهيةٌ إلى البينونةِ، والإِجازةُ لا تلائمُ حالها.

قَالَ الإمَامُ: ولم يخرِّجوه على وقْف العقود؛ لأنَّ شرط الوقْفِ أن يَكُونَ موردُ العقْد قابلاً لمقصودِ العَقْدِ؛ ألاَ تَرَى أن بيع الخمر لا يوقَفُ إلى أن يتخلَّل، وهي على حالتها غَيْرُ مستحيلةٍ، وَحُكِيَ عَن الشَّيْخِ أبي مُحَمَّدٍ حكايةُ وجهٍ في نفوذ إجازتها وصاحب "الكتاب" نقله عن بعْضِهِم تخريجاً على وقْفِ العقود، فإنْ راجعها، نفَذَت، وإِلاَّ لَغَتْ.

ولو ثبت لَهَا خِيَارُ العِتْقِ، فطَّلقها قبل أن تفسخ، فإنْ كان الطلاقُ رَجعِياً بقي حقّها في الفسخ، والحكم كَمَا إذا أُعْتِقَتْ في العدة، وإن كَانَ الطَّلاَقُ بَائِناً، فَعَنْ نَصِّهِ في "الأم": أنه موقوف [إن فسخت] (١) بَانَ أنَّ الطَّلاَقَ لم يَقَع، وإن لم تفْسخ، بَانَ أن الطلاقَ وقع؛ لأن تنفيذه في الحالِ يُبْطِل حقاً من الفسخ فليمتنع، وأيضاً، فإِنَّه، إذا طلَّق في الردَّة يكون الطَّلاَقُ مَوْقُوفاً، فكذا ههنا، وَالأَصَحُّ المذكورُ في "الكتاب"، وهو المنقول عن نصِّه في "الإِملاء": أَنَّه يقع الطلاقُ؛ لمصادفته للنكاح، وَيبْطُلُ الخيار، وليس كَالطَّلاقِ في الرِّدَّة؛ لأن الانفساخَ بالرِّدَّة يَسْتَنِدُ إَلَى حالةِ الرِّدَّة، فتبيَّن أَنَّ الطَّلاَقَ لَمْ يصادف النكاح، والفَسْخُ بالعتْق لا يستندُ إلَى ما قبله، ومنهم مَنْ لَمْ يُثْبِتِ الْقَوْلَ الأوَّلَ، ولو طَلَّقَ الزوْج المعِيبُ قبل فسْخِ الزوجة، ففي نفوذ الطَّلاَقِ أو وَقْفِه هذا الخلاف (٢)، ويجوز إعلامُ قوله في "الكتاب" "وإن أجازت لم ينفذ" بالواو؛ للوجْه الذاهب إلى أن تنفيذها مطْلَقاً.

المسألة الثانية: إنْ فَسَخَتِ العتيقةُ النِّكَاحَ قبل الدخول، سَقَطَ الْمَهرُ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهَا منْعُها من الفسخ؛ فإنه مشروع لدَفْع الضَررِ عن نفسها، وإن فَسَخَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ، نُظِرَ؛ إن تقدَّم الدخولُ على العتْق، وجب المسمَّى، وإن تأخَّر عن العتق، وكانتْ هي جَاهِلَة بالحال، فيجب مهْرُ المثل أو المسمَّى جعله صاحب "التَّهْذِيبِ" على الخلاف المذكور فيما إذا حدَث العَيْبُ، ثم جرى الدُّخُول، ثم فُرِضَ الفسخ.


(١) سقط في ز.
(٢) قال الشيخ البلقيني: نقل في البيان عن الشيخ أبي حامد أنه لا خلاف في نفوذ طلاق المعيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>