للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "وكذا التثويب في أذان الصبح" مطلق يشمل الأذان الأول والثاني للصبح لكن ذكر في "التهذيب" أنه إذا أذن مرتين وَثَّوَب في الأول لا يثوب في الثاني على أصح الوجهين:

الخامسة: ينبغي أن يؤذن ويقيم قائماً: "لَأَنَّ الْمَلَكَ الَّذِي رَآهُ عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدٍ فِي الْمَنَام أَذَّنَ قَائِماً (١) وَكَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ بِلاَلُ وَغَيْرُهُ مِنْ مُؤَذِّنِي رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-" ولأنه أبلغ في الإعلام، فلو ترك القيام مع القدرة ففيه وجهان:

أصحهما: أن الأذان والإقامة صحيحان لحصول أصل الإبلاغ والإعلام؛ ولأنه يجوز ترك القيام في صلاة النفل ففي الأذان أولى إلا أنه يكره ذلك إلا إذا كان مسافراً فلا بأس بأن يؤذن راكباً قاعداً.

والثاني: أنه لا يعتد بأذانه وإقامته كما لو ترك القيام في الخطبة، وهذا لأن شرائط الشعار تتلقى من استمرار الخلق واتفاقهم، وهذا مما استمروا عليه، وينبغي أن يستقبل فيهما القبلة بمثل ما قدمنا، ولو تركه وأذن مستديراً ففيه الخلاف المذكور في ترك القيام (٢). ويستحب الالتفات في الحَيْعَلَتَيْنِ يميناً وشمالاً وذلك بأن يلوي رأسه وعنقه من غير أن يحول صدره عن القبلة أو يزيل قدميه عن مكانهما، لما روي عن أبي جحيفة قال: "رَأَيْتُ بلاَلاً خَرَجَ إلَى الأَبْطَح فَأذَّنَ فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ لَوَى عُنُقَهُ يَمِينَاً وَشِمَالاً وَلَمْ يَسْتَدبِرْ" (٣).

وكيفيته: أن يلتفت يميناً فيقول: حي على الصَّلاَة مرتين، ثم يلتفت شمالاً فيقول: حي على الفلاح مرتين، وهذا هو الأصح وعليه العمل، وبه قال أبو حنيفة.

وعن القفال، أنه يقسم كل حيعلة على الجهتين فيقول: حي على الصلاة مرة عن يمينه ومرة عن يساره، وكذلك قوله: حي على الفلاح، ولفظ الكتاب يصلح لهذا الوجه بأن يكون المعنى أن يلتفت في كل حيعلة يميناً وشمالاً ولكنه لم يرد ذلك، وإنما أراد الهيئة المشهورة، والمعنى مستحب أن يلتفت في الحيعلتين يميناً في الأُولى وشمالاً في الثانية، ثم حكى صاحب "البيان" على الوجه الأول وجهين. فيما يفعل إلى إتمام كل واحدة من الحَيْعَلَتَيْن.

أحدهما: أنه يلتفت يميناً ويقول: حي على الصّلاة مرتين، ثم يرد وجهه إلى


(١) أخرجه أبو داود (٥٠٦) والبيهقي (١/ ٤٢٠).
(٢) قال النووي: أذان المضطجع، كالقاعد. إلا أنه أشد كراهة وفي وجه شاذ: لا يصح وإن صح أذان القاعد -والله أعلم- روضة الطالبين (١/ ٣١٠).
(٣) أخرجه أبو داود (٥٢٠) إلا أنه قال: لم يستدر، وهو متفق عليه بنحوه، انظر التلخيص (١/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>