للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان معه غيْرُه، سقَط نصيبُه، وللآخَر أخْذُ نصيبه، ولو زوَّج الرجُل ابنته من عبده بإذْنها، ثم مات، فورثَتْ بعْضَ زوْجِها، فإن كان بعد الدخول، فَقِسط ما ورثته من المهر، دَيْنٌ لها على مملوكها، ولها المطالبةُ بالباقي مِن كَسْبه مما ترث منه، وإن كان قبل الدُّخُولِ، فعلَى قول ابن الحدَّاد، يسقط جميع المهر، وعلى قولِ غيره؛ لا يَسْقُط إلا النصف، وحكم النصف الباقي حكْمُ الكلِّ بعد الدخول.

المسألة الثانية: ليعلم أن ما ذكرنا في المسألة الأولَى فيما إذا اشترت زوْجَها مصوَّرٌ فيما إذا جرى البيع بعين الصَّدَاقِ، فيتصور أن يجري البيع بعين الصداق، والغرض الآن الكلام فيه، فنُقدِّم عليه مقدِّمَتَيْنِ:

إحداهما: إذا نكح العبْدُ نِكَاحاً صَحِيحاً، وقلنا: لاَ يَصِيرُ السيِّدُ ضَامِناً للمهْر بالعقد، فلو ضمن عنه، جَازَ؛ لأنه ضمانُ دَيْنِ لازم، ثم يُنْظر؛ إن كان العبدُ كسوباً، فللزوجة مطالبةُ العبد والسيِّدِ جميعاً، وإلاَّ، فلا يطالب إلاَّ السيِّدُ، وكذا الحكم لو طلَّقها بعْد الدخول، والمهر غير مقبوض، وإن طلَّقها قبل الدخول، سَقَطَ نصف المهر عنْها، ومطالبتُها بالنصفِ الآخر على التَّفْصيل المذكور، فإن كانَتْ قد قَبَضَت المهر، فيردُّ النصف على السيد، إن بقي الزوج على الرِّقِّ عند الطلاق، وإن كان قد أعتقه، فعلى الزوج؛ لأنه مكتسبٌ بالطلاق، ذكره الشيخ أبو حامد.

والثانية: صورةُ البيع بعَيْن الصداق: أن يلتزم السيِّد الصداق، إمَّا بأصْل العقْد على القديم أو بالضَّمان اللاَّحِقِ على الجديد، فيصرِّح المتبايعان بالإِضافة إلَيْه؛ بأن يقول سيد العبد لزوجته الحرَّة بَعْتُهُ لك بِصدَاقِكِ الذي يلزمني، وهو كذا، فتشتري، أما إذا صرَّحا بالمغايرة، أو أطلقا فهو بيْعٌ بعين الصداق.

مثاله: كَانَ الصَّدَاقُ ألْفَ درْهمٍ، وقال: بعْتُكِ بِألْفٍ غَير الصداق أو بألفين أو أطْلَقَ، وقال: بعْتُكِ بألفٍ أو بألفَيْن، وإذا اختلَفَ جنْسُ الصداق والثمن، فلا شَكَّ في المغايرة، ولو دفع عيناً إلى عبده، وأذنَ له في أن يَنْكِح امرأةً، ويُصْدِقها تلْك العين، ففعل، ثم باع العبد لها بتلك العين، فلا شَكَّ في أنه بيعٌ بعين الصداق.

إذا عرفت ذلك، فالبيع بعَيْن الصداق، إما أنْ يجري قبل المَسِيس أو بعْدَه.

الحالة الأُولَى: إذا جرى قبل المسيس، فإنْ فرَّعنا علَى سقوط جميع المهْر، إذا تملكت زوجها قبل الْمَسِيسِ، وهو الصحيح، لم يصحَّ البيع، ويستمرُّ النكاح؛ لأنه لو صحَّ، لملكت الزوجَ وانفسخ النكاح، وإذا انفسخ، سقط المهرُ، وعرى البيع عن العوض، وإذا على البيعُ عن العوض، بَطَلَ، فتصحيحه يجر إلى بطلانه، [و] هذا ما نصَّ عليه الشَّافِعِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وجمهور الأصحاب، وقال: الشيخ أبو عليٍّ: يجب عندي أن يصحَّ البيع، ويبطل النكاح؛ لأن البيع وارتفاع النكاح لا يقَعَانِ معاً، بل

<<  <  ج: ص:  >  >>