للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطويل ووجب الاستئناف، وإلا فله البناء على المأتي به، وبنى بعض الأصحاب القولين على القولين في جواز البناء على الصَّلاَة، إذا سبقه الحدث.

الثانية: الكلام في خلال الأذان بمطلقه لا يبطله؛ لأنه ليس بآكد من الخطبة، وهي لا تبطل به، ولكن ينظر إن كان يسيراً لم يضر كما في الخطبة وكما في السكوت اليسير، هذا هو المشهور، وعن الشَّيْخِ أبي محمد تردد في تنزيل الكلام اليسير إذا رفع الصوت به منزلة السكوت الطويل، لأن الكلام أيقع وأشد جرًا للبس من السكوت، وإن تكلم بكلام كثير ففيه قولان مرتبان على السكوت الطويل وهو أولى بإبطال الولاء لما ذكرنا، وإذا خرج عن أهلية الأذان بغير الردة كما إذا أغمي عليه أو نام في خلال الأذان، فهو على هذا التفصيل: إن كان يسيراً أو زال على قرب لم يضر وجاز البناء عليه، وإن طال ففيه القولان، وإن خرج عن أهلية الأذان بالردة فسيأتي. واعلم أن صاحب "الإفصاح" والعراقيين قالوا: يجوز البناء في هذه الصور وإن طال الفصل، وحكوه عن نص الشافعي -رضي الله عنه-، لكن الأشبه وجوب الاستئناف عند تخلل الفصل الطويل؛ لأنهم اتفقوا على اشتراط الترتيب في الأذان، وما يقتضي اشتراط الترتيب فيه هو بعينه يقتضي اشتراط الموالاة، وهذا هو الذي أورده الصيدلاني والشيخ أبو علي وتابعهما صاحب "التهذيب" وغيره، وحملوا كلام الشافعي -رضي الله عنه- على الفصل اليسير، ثم في الإغماء والنوم يستحب الاستئناف وإن لم يجب إما لقصر الزمان أو على قولنا أنه لا يضر وإن طال الزمان، وكذلك يستحب الاستئناف في الكلام والسكوت الكثيرين وإن قلنا: إنهما لا يبطلان ولا يستحب الاستئناف إذا كانا يسيرين.

الثالثة: المستحب أن لا يتكلم في أذانه بشيء، فلو عطس حمد الله تعالى في نفسه وبنى، ولو سلم عليه إنسان أو عطس لم يجب ولم يشمت حتى يفرغ، ولو أجاب أو شمت أو تكلم بما فيه مصلحة لم يكره، وإن ترك المستحب، وإن رأى أعمى يكاد يقع في بئر فلا بد من إنذاره.

الرابعة: إذا لم يحكم ببطلان الأذان بالفصل المتخلل فله أن يبني على أذانه، وهل لغيره البناء عليه؟ فيه [قولان] (١) بناهما بعضهم على جواز الاستخلاف في الصلاة.

وقال: إن جوزنا صلاة واحدة بإمامين ففي الأذان أولى، وإن لم نجوز ففي الأذان قولان.

والفرق أن الأذان لا يتأثر بالكلام اليسير والإغماء بخلاف الصلاة، ومنهم من بناهما على جواز البناء على خطبة الخطيب إذا أغمي عليه في أثنائها، وهما قريبان، لأن


(١)

<<  <  ج: ص:  >  >>