نَكَل، حلفت، وأخذَتْ نصْف المهر، وإن ادَّعى كُلُّ واحدٍ منهما أنَّها امرأته، فأقرَّتْ لأحدهما، ثبت نكاحه، وهلْ للثاني تحْلِيفها؟ فيه قولان، على ما ذكرناه في المرأة، إذا زوَّجها وليَّاها من شخصَيْن.
وقوله في الكتاب "والثانية تدَّعي لِنَفْسِها زوجيَّةً مجرَّدةً" عرفت مما أجريناه في خلال الكلام أن دعواها الزوجيَّة المجرَّدة غيْرُ لازمةٍ في هذه الحالة، بل قد تدَّعِي زوجيَّةً مجرَّدةً، وقد تدَّعي المهْرَ في النكاح أو حقّاً من حقوق النكاح.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: هذه المسألةُ من فروع ابن الحدَّاد أيضاً، ولْيُعْرَف في مقدِّمتها أصلان:
الأصل الأول (١): أنه لو شهد شهودٌ علَى رجلٍ بنكاحِ امرأةٍ على صداقٍ معلومٍ، وهو منكرٌ، فحكم بشهادتهم، ثم رجعوا، هل يُغَرَّمون له فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأنَّهم أثبتوا له حقَّ النكاح، وأدخَلُوا البُضْع في ملكه في مقابلة ما ألْزَمُوه من المَهْر، فصار كما لو شَهِدُوا علَيْه بأنه اشترَى هذا العبْد بكذا، ثم رجَعُوا لا يُغرَّمون.
والثَّانِي: أنهم يغرَّمون؛ لأنها إذا ادَّعتِ النكاح، وهو منكرٌ، فلولا شهادتهم ما أخذْنا منه شيئاً، وإِذَا شَهِدُوا، نأخذ منه نصْف المهر، وكأنهم فوتوه عليه، ولا يحْصُل له، وهو منكرٌ في مقابلة ما فات شيءٌ بخلافِ صورة الشراء، فإنه، وإن كان منكراً، يُحْكَم بدخُول المبيع في ملْكه، ويؤْخِذَ منه الثمن، هكذا نقل الوجهَيْن الشَّيخُ أبو عليٍّ وغيره قَالَ الشيخ: ويجوز أن يكونا مبنيَّيْن على أن الشُهودَ في المال، إذ رجَعوا هل يُغرَّمون؟ لأن فَائِدَةَ شَهَادَتِهِمْ ههنا ترجع إلى المال أيضاً؛ إذ لا يبقَى النِّكاح مع إنكاره، ولو ساعدتْهم المرأةُ على الرُّجوع، لأمرناها بردِّ المال، فكانت الشهادةُ في الصورتَيْن واقعةً على ما يُمْكِن تداركُه، ويحْسُن أَنْ يرتَّب فيقال: إن لم يغرَّم شهودُ المال، فههنا