للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنَّه يثبتُ نكاحُ الثانية دُون الأُولَى، كما لو أقامتْ بينةً، فإنَّ البينة أقوَى من الإِقرار؛ قَالَ الإِمَامُ -رحمه الله-: هذا القائل يقول ينتفي نكاح الأولَى، ويحكم بانقطاع نكاح الثانية؛ لإِنكار الزوج.

وأصحُّهما: استمرار نكاح الأُولَى؛ لأن اليمين المردودةَ إنَّما تجعل كالبينة في حقِّ المدَّعِي والمدعَى عليه لا في حقِّ غيرهما، وقد ثبت نكاح الأولَى بتقارِّهما، فلا يتأثر بالتنازع بين الزوج والثانية ويمينها وإن قلنا: إنَّها كالإِقرار، فوجهان:

أحدهما: أنه يحكم ببطلان النكاحَيْن؛ لأن الإقرار للأُولَى أبْطل نِكَاح الثانية، فكذا ما ينزل منزلة الإِقرار للثانية، يبطل نكاح الأولَى.

وأصحُّهما: استمرار نكاحِ الأولَى كما لو أقرَّ للأولَى ثم أقرَّ للثانية، وعلى هَذَا، فهَلْ تستحق الثانية عليه شيْئاً؟ فيه قولان شَبَّههما الشيخ أبو عليٍّ بالقولَيْن فيما إذا قَالَ: هذا الثَّوبُ لفلانٍ، لا بل لفلانٍ، هل يغرم للثاني، والأصحُّ: أنها تستحقُّ من المهْر ما يليقُ بتصْدِيقها، وهو نصفُ المهْر، لارتفاع النِّكَاح بإنْكار الزَّوْج قبل أن يفرض مسيس، وأبدى الإِمامُ -رحمه الله- احتمالاً آخر، وهو ألاَّ يجعل إنكار الزَّوج ارتفاعَ فراقٍ ويقال لها: طلبُ لمهر.

والوجه الثاني: من التصوير: أن تقول كلُّ واحدةٍ: لسْتُ بالمزوَّجة، وصاحِبَتِي هي المزوَّجة، فيقال للزوج: عَيِّن زوْجَتَكَ منْهما، فَإِذَا عيَّن، فقد أَقَرَّ بأن الأخرَى ليْسَتْ زوْجةً له، فلا خصومةَ له مَعها، والقولُ قول الأخْرَى، مع يمينها، وإن لم تحْلِفْ، حلف الزوج، وثبت النكاح، وفيه وجهٌ ضعيفٌ أن القول قولُ الزوْج مع يمينه؛ لأن إِحداهُما منكوحةٌ بالاتفاق، وهو أعرفُ بمحَلِّ حِقِّهِ، واعلم أن المسألة من فُرُوع ابن الحدَّاد، وأنه قيدها بما إذا مات الأَبُ بعْد التزْوِيج، وكذلك فعل صاحب الكتاب، قال الشيخ أبو عليٍّ -رحمه الله-: وهذا القيد لا فائدة فيه في الوجْه الأول من وجْهَيِ التصوير؛ لأنه لو كان حياً، وعيَّن إحداهما، لم يقبل قولُه على الزوْج، ولكنه مفيدٌ في الصورة الثانية؛ لأنه إذا كان الأبُ حياً، والحالُ بعدُ حال الإِجبار، فيراجع، فإذ أقرَّ بالنكاح على إحداهما، يقبل، ولا يضر الزوْجَ إنكارُها.

قال الإِمام: ويظْهَر في القياس ألاَّ يقبل إقرارها، ومعها مَنْ يتمكن من إجبارها؛ حَذَراً من اختلاف الإقرارَيْنِ، فإنْ قبلنا إقرارها، واختلف إقرارها وإقرارُ الوليِّ، فيجوز أن يقال: الحكْمُ للسابق، ويجوز أن يقال؛ ببُطلاَنهما جميعاً، ورَويْنا وجْهَيْن في أوَّل النكاح عن القَفَّال الشَّاشِيِّ والأودَنِيِّ أنَّ المقبول إقرارُها أو إقرارُه، فحصلتْ أربعة احتمالاتٍ، ولو زوَّج ابنته من أحد ابني رجلٍ، وادعت هي على أحدهما أنه هو الذي زوَّجها منه، فإن جردت دعوى النكاح، فعلَى ما سبق، وإن ادَّعت المهْرَ، حلَّفته، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>