للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِن ادَّعَاهُ الرجُلُ، سُمِع دعواه لِمَالَهُ من الحقِّ الظاهر في النكاح، ويتوجَّه على المرأة، وإنْ كَانَ العاقدُ الوليَّ؛ لأن إقرارها بالنكاح مقبولٌ، وفيه خلافٌ، ذكرناه مع حكم الدعْوَى على الوليِّ في آخر الباب الأوَّلِ في "بيان أحكام الأولياء" في أول النِّكَاحِ، وينبغي أن يُعْلَم قوله هناك في الكتاب "ويتوجَّه عليها الدعوى"، وكذا قوله: "لأنَّ إقرارها مقبولٌ، وأما المرأة، فإن ادَّعَتِ الْمَهْرَ في النِّكاح أو ادَّعَتِ النِّكَاحَ، وطلبت حقاً من حقوقه سمعت دعْوَاها أيضاً، وإن ادَّعت مجرَّد الزوجية، فوجهان، قد أعادَهُما في "كتاب الدعاوى والبينات" إن سمعت هذه الدعْوَى فتقيم البينة، وإن أَنْكَرَ، فَهَلْ يَكُونُ إِنْكَارُهُ طَلاَقاً؟ فيه وجهان قد أعادهما هناك، إن جعلْناه طلاقاً، اندفع ما يدعيه، ولا معْنَى لإقامة البينة، واعلم أن "كتاب الدعاوى" أحقُّ بالمسألة، وقد ذكرها صاحبُ الكتاب هناكَ، فيؤخَّر الشرْحُ إليه.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وإِذَا زَوَّجَ إِحْدَى ابْنَتَيهِ وَمَاتَ وَعَيَّنَ الزَّوْجُ إِحْدَاهُمَا وَقَالَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَا المُتَزَوِّجَةُ فَالمُعَيَّنَةُ مَنْكُوحَة وَالثَّانِيَةُ تَدَّعِي لِنَفْسِهَا زَوْجِيَّةً مُجَرَّدَةً، وَإِنْ قَالَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ: صَاحِبَتِي مُزَوَّجَة فَالَّتِي لَمْ يُعَيِّنْهَا الزَّوْجُ لاَ خُصُومَةَ مَعَهَا إِنَّمَا الدَّعْوَى عَلَى الأُخْرَى.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا زوج إحدى ابنتَيْه [بعينها] من رجُلٍ، ثم تنازعتِ الابنتان، فتنازُعُهُما يُتصوَّر عَلى وجهَيْن:

أحدهما: أن تقول كلُّ واحدةٍ منهما: أنا المزوَّجة، فأيتهما صدَّقها الزوْجُ، ثبت نكاحُها؛ لتقارهما، والأخرى تدَّعي أنها امرأته، وهو منكرٌ وفيه، طريقان للأصحاب.

أحدهما: أن في تحليفه قولَيْن كالقولَيْن فيما إذا ادَّعَى اثنان نكاحَ امرأةٍ، وأقرت لأحدهما، هل تحلف للثاني ووجه الشبه أنَّ أحد النكاحَيْن يثبت بالإِقرار، وذلك يمنع من الإِقرار بالثاني، فلا يجري التحليفُ فيما لو أقر به، لم يُقْبَل.

وأصحُّهما: القطع بأنَّه يحلف؛ لأن النكاح ينْدَفِعْ بإنكار الزَّوْج، والمقصودُ المهْرُ، فلا بُدَّ من التحليف بخلافِ ما إِذَا ادَّعَى اثنانِ نكاحَ امرأةٍ، وأقرت لأحدهما، فإنَّ الثاني لا يدعي عليها مَهْراً، وإنَّما يقْصِد النكاح، وينبغي أن يُفَصَّل، فيُنْظَرَ إلى صيغة دعْواها، إن ادَّعت الزوجية وطلبت المهْرَ، فالوجه التحليفُ، وإِنِ ادَّعَتْ مجرَّد الزوجيَّة فيجئ في سماع الدعوى الخلافُ المذكُور في الفصل السابق، إن سمعت، فالصورةُ قريبةٌ من صورة الاستشهاد، وإذا قُلْنَا: إنه يحْلِف، فيُنْظر؛ إِن حلف، سقَطَت الدعوى الثانية، وإن نكل، فحَلَفتْ، ففي تنزيل اليمين المردودَةِ عنْد النكول منزلةَ البينة، أو الإِقرارِ قولان مشْهُوران، إنْ قلنا: إنَّها كالبينة، فوجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>