للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهِدوا على النِّكاح، ثم على الإِصابة بعْده، اشترك الصنفان في غُرْم نصف المهر، والنصف الآخر يختصُ بغرمه شهود الإِصابة، والصورتان متقارِبَتَان، ولا يبعد التسويةُ بينهما في الحُكْم، وحاصلُ الخلاف في المسألة ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه لا غُرْمَ على واحدٍ من الشهود.

والثاني: وهو جوابُ ابن الحدَّاد: أنه لا غُرْم إلاَّ عَلى شهود الطَّلاَقِ.

الثالث: أنه يُغرَّم شهودُ النكاح، ولا يغرَّم شهود الطلاق، وفي شُهُودِ الإِصَابَةِ التفصيلُ المذكور، أما لفْظ الكتاب فقوله وقلنا: "يجب الغرمُ بالرُّجوع" يمكن أن يقال: أراد به الخلافَ في أن شُهُود النكاحِ، هل يغرَّمون، إذا رَجعوا أو يكون المعنى أنَّا إذا غرَّمناهم، لو انفردتْ شهادتهم، ففي هذه الصُّورة يكون الغُرْم عليهم، وعلَى شهود الاِصابة جميعاً، ويمكن أن يُقَالَ: أرادَ به مبْنَى هذا الخلاف، وهو القولان في أنَّ شهود المال، إذا رجَعُوا هل يغرَّمون؟ وقوله: "فإنَّما يجب" معلم بالواو، وكذا قوله: "لا على شهود الطلاق"، وقوله: "لكن الأصحّ أن شهود النكاح، وإن رجعوا لا يغرَّمون" الغرض منه بيان الأظهر من الخلاف إن حملنا قوله: "وقلنا: يجب الغرم بالرجوع" على الخلاف في شهود النكاح، إذا رجعوا، وإنْ حملناه على الخلاف في شهود المال، فالغرضُ بيانُ الخلاف في شهود النكاح، إذا رجعوا مع بيان الأصحِّ، وقوله "نعم، لو كان ما خَسِروه" إلى آخره معناه: إنْ بقي الغرْمُ في قدْر مهر المثل، صَحَّ، لمَا ذَكرْنا من المعْنَى الفارق بينه، وبين المالِ المغرَّم في شهادة شُهُود المال، وأما الزيادةُ علَى مَهْر المِثْل، فسبيل غرمها سبيلُ غُرْم سائر الأموال، فلا نقولُ فيها: إِن ففي الغرم أصحّ، وقد يُشْعِر سياق الكتاب بتخصيص الغُرْم بشهود الإِصابة؛ لأنه قَالَ: "فَإنَّا يجبُ علَى شهود النكاح، وشهود الإِصابة"، ثم قال: "لكنَّ الأصحَّ أن شهود النكاح، وإن رجعوا لا يغرَّمون"، فيفهم منهَ أنه لو ثبت غُرْم، لثبت عليهما، لكن لا يُثْبت علَى شهود النكاح للمعنى المذكور، فيبقى علَى شهود الإِصابة، ولكنْ لم نروجها صائراً إلى تخصيص الغرم بشهود الإصابة، بل من لا يوجب الغُرْم على شهود النكاح، لم يوجِبْه علَى شهود الإِصابة [أيضاً، فلا ينبغي أنَ يُحْمَلَ عليه، وإذا لم يُحْمَلُ عليه، كان المعْنَى أنَّه لو كاَن غرْمٌ، لكان على هذَيْن الصِّنْفَيْن، لكن الأصحُّ أنه لا غُرْمَ علَى شهود النكاح، ويلْتَحق بهم شهودُ الإصَابة] (١) وعلى هذا، فيكونُ ما ذَكَره ترجيحاً للوجْه الذاهب إلى أنَّه لا غُرْمَ علَى واحدٍ من الشهود، وكلام أكثر من أورد المسألة ميالٌ إلَى وجوب الغُرْم علَى شهود النكاح، وعلَى شهود الإِصابة أيضاً بالتفصيل المذكور فيه.


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>