إحداهما: إذا زُوِّجتِ المرأةُ، ثم ادَّعْتُ أن بيْنَها وبيْن الزَّوجْ محرميَّةَ بأنْ قالت: هو أخِي من الرِّضاعة، أو قالت: كنت زوجة أبيه أو ابنه أو وطأنِي أحدُهما بالشُّبهة، فيُنْظَر؛ إن وقع التزويج برضاها أو دون رِضَاهَا.
الحالة الأولَى: إذا زُوِّجت برضاها؛ إما لأنَّها ثيِّبٌ أو لأنَّ المزوِّج أخٌ أو عمٌ أو زوَّجُ المجبْر بإذِن المجبرة، وإن لم يحتج إليه، فلا تُقْبل دعواها، والنكاحُ ماضٍ على الصحَّة؛ لأن إذْنَهَا السابقَ يتضمَّن الإقرار بأنها حلالٌ له، فلا يُقْبَل بعد ذلك ما يناقضُه، نعم، لو ذكَرت عُذْراً من غَلَطٍ ونسيانٍ، فيجيء في سماع الدَّعوى الخلافُ المذكورُ فيما إذا قَالَ: وهبت أُوِ قبضت، ثم زعم أنَّه لم يقبض، وأنه أقر اعتماداً علَى كتابِ وكيلِهِ، ثم تبيَّن خلافه قَالَ الإِمَامُ: والسَّماع ههنا أولَى؛ لأن الغلط والنسيان في مثله مما يغلب في العُرْف، وهذا ما أورده في الكتاب.
[الحالة] الثانية: إذا زُوِّجت بغير رضَاها بكونها مجبرة، فوجهان:
أحدهما: وهو جوابُ ابنِ الحدَّاد: أنه يُقْبَل قولُها في ذلك مع يَمِينها، ويُحْكَم باندفاع النكاح من أصله؛ لأن ما تَدَّعيه محتملٌ، ولم يسبقْ منْها ما يناقِضُه، وهذا كما أنَّها إذا قالَتْ في الابتداء: فلانٌ أخي من الرِّضاع، لا يجوز تزويجُها منْه.
والثاني: عن الشيخ أبي زَيْدٍ: أنه لا يُقْبَل قولُها استدامةً للنكاح الصحيح الجارِي على الصحَّة ظاهراً؛ ولأنَّا لو فتَحْنا هذا الباب، لاتخذه صواحبُ القُصُود الفاسدة ذريعةً إلى الخروج عن قَيْد الأزواج، وهذا أصحُّ الوجهَيْن عند صاحب الكتاب، ويقال: إنه اختيار ابن سُرَيْج وفي "النهاية": أنَّ معظم الأصحابِ علَى موافقة ابن الحدَّاد، وذكر الشيخ أبو عليٍّ أنه الأصحُّ، وحكي عن نصِّ الشَّافِعِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه لو باع الحاكمُ عبداً أو عَقَاراً على مالكه الغائبِ بسبب اقتضاه، ثم جَاءَ المالكُ وقال: كنت أَعتقت العبد أو وقَفْتُ العقار أو بِعْته، يصدق بيمينه، وينتقض البيع، ويردُّ الثمن على