للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشترِي، بخلاف ما لو باعه بنفسه أو بوكيلِهِ، ثُمّ ادَّعَى ذلك، فإنه لا يقبل؛ لأنه سبَق منْه ما يناقضه، وقضيةُ حكايته: أنه لا خلاف في صورة بيع الحاكم، لكنَّ الإِمَامَ طرد الخلافَ، وحكَى فيها قولَيْن (١)، ولو زوَّج ابنته أو أمته، ثَمَّ ادَّعى على السيدِ والأبِ محرميةً بينها وبين الزوج، لم يُلْتَفَت إلى قوله؛ لأن النكاح حقُّ الزوجَيْنَ، وإن كان الوليُّ هو الذي يعْقِد، ولذلك قلنا: يثبت النكاح بتقارِّهما، وإن أنكر الوليُّ. قَالَ الشّيخُ أبو عليٍّ: ولو قال بعْدَ تزويج أمته، كنتُ أعتقتُها، حكم عليه بالعتق، ولا يُقْبَل قوله في النكاح، وكذا لو أجَّر العَبْدُ، ثم قال: كنت أعتقته، ويُغرَّم للعبد أجرة مثله؛ لأنه أَقَرَّ بإتلاف منافِعَه، عليه متعدياً، كمن باع عبداً، ثمَّ قال: كنت غصبته، لا يُقْبَل قوله في البيع، ويُغرَّم للمقرِّ له، واعلم أن الخلافَ في الحالة الثانيَة في أنَّها، هلْ تصدَّق بيمينها، ولا خلاف في أنه يسمع دعْوَاها، ولو أقامَتْ بيِّنة، حكم بها، والكلام في الحالة الأولَى في ردِّ الدعوَى من أصلها، وأن الرضا والإذْن بالتزويج إنما يؤثر إذا أذِنَت بتزويجها من شخْصِ بعينه، أما إِذَا أذِنَتْ في النكاح مَطلقاً، وفرَّعنا على أنه لا حاجة إلَى تعيين الزوج، فزوجها الوليُّ من رجل، ثم ادَّعت محرميةً، فالحكم كما إذا زوّجت مجبرةً؛ لأن الإِذن في التزويج المطْلَقِ لا يكون إقراراً بأنَّها حلالٌ لذلك المعيَّن، ولو زوج الأخُ البكرَ، وهي ساكتةٌ اكتفاءً بصُمَاتِهَا على أحد الوجهين، ثم ادَّعَتْ محرميَّة قال الإِمام: الذي ارتضاه العراقيُّون؛ أنَّ دعْوَاها مسموعةٌ، قال: ولكنْ لا تصدَّقُ باليمين.

المسألة الثانية: إذا زوّج أمته من إنسان، ثم قَالَ: كنْتُ مجنوناً، أو محجوراً يوْمَ زوَّجتها، وأنكر الزوْج، وقال: تزوَّجْتُها تزويجاً صَحِيحاً، فإن لم يعهد للسيد ما يَدَّعيه ولا بَيِّنَة، فالقول قول الزوج مع يمينه؛ لأن الظاهر جريانُ النكاحِ على الصَّحَّة، وكذا لو قال: زوَّجْتُها وأنا مُحرِم، أو قال: لم تكنِ مِلْكِي يومئذٍ، ثم ملكتها، وكذا الحكْمُ، لو بَاعَ عبداً، ثم قال: بِعْد البيع: بعتُه، وأنا محجورٌ عليّ أو لم يكن مِلْكِي، ثم ملكته، وعن نصِّه في "الإِملاء" أنه لو زوَّج أخته، ومات الزوج فَادَّعَى ورثته أن أخاها زوَّجَها بغَيْر إذْنها، وقالت: بل زوَّجني بإذني، فالقول قَولُهَا ولك أن تقول: قد سبق ذكْرُ وجهَيْن فيما إذا ادَّعَى أَحَدُ المتعاقدَيْن صحَّةَ العقد، والآخرُ فسادَهُ في كتاب البيع، فليجيء في هذه الصورة ذلك (٢) الخلافُ، ولو ادَّعَتِ المنكوحةُ، وهي ممن يُعْتَبَرُ إذْنُها


(١) قال في المهمات: التعليل بالمناقضة يوهم عدم سماع الدعوى والبينة وليس كذلك كما سيأتي في آخر الدعاوى.
(٢) وقال الشيخ البلقيني: قوله "أو بوكيله" محمول على توكيل ببيع معين ثم يدعي الموكل بعد بيع الوكيل ولزومه أنه كان أعتقه قبل التوكيل فأما لو كانت الوكالة مطلقة أو في معين وادعى عتقاً بعد التوكيل ولم ينسب إلى التقصير في ترك إعلام الوكيل فالقول قول الموكل بيمينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>