للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّها زُوِّجت من غير إذْن، ففي فتاوى صاحب "التَّهْذِيبِ" أنه لا يُقْبَل قولُها بعد ما دخلت عليه، وأقامَتْ معه، كأنه جعل الدخُولَ والإِقامة قائماً مقام الرضا (١) في المسألة الأولَى من مسألتَي الفصل، وإن عُهِدَ بالسيد المزوَّج حجرٌ أو جنونٌ أو قال زوّجْتُها وأنا صبيٌّ، فعن الشيخ أبي زيد تخريجُ قولَيْن:

أحدهما: أن القولَ قوله مع يمينه؛ لأن الأصلَ عدمُ النكاح ودوامُ الحالةِ التي كانَتْ.

وأصحُّهما: عند الشيخ أبي عليٍّ وغيره: أن القول قولُ الزوج؛ لأنَّهما اتفقا على جريانِ العَقْد، والغالب في العقود إنْشَاؤُها على الصحَّة؛ ولأنه حكم بصحَّة النكاح ظاهراً، والأصلُ دوامه، ورأى الإِمام بناءَ الخلافِ علَى أن النكاح المعتَرَفَ به مطلقاً يُحْمَلُ على الصحيح، أم يتناولُ الصحيح والفاسدَ، ولو زوج أخته برضاها، ثم ادَّعتْ هِيَ أنها كانتْ صغيرةً يومئذٍ، ففي فتاوى القفَّال، والقاضي حسين أن القول قولُها، وبهذا أجاب صاحب "التَّهْذِيب" في فتاويه، وإن أقرت يومئذٍ بأنَّها بالغةٌ، كما إذا أقرَّ بمالٍ، ثم قَالَ: كنتُ صغيراً يوْمَ الإقرار، وهذا يمكن أن يكون جواباً على الوجْه الأول، ويمكن أن يفْرَقَ بأن العقْدَ المَنْشَأ بين المسلمين الغالِبُ فيه الصحةِ، وهذه لم يصدر منها العقد [نفسُهُ.

ولو وكّل الوليُّ بالتزويج، ثم أحرم، ثم جرى العقد] (٢) وادعى الوليُّ وقوعه في حال إِحرامه، وأنكر الزوج، فالرواية عن نَصِّ الشَّافِعِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن القولَ قولُ الزوْج بناءً على [أن الظاهر فيما جَرَى الصحة، ولم يحْكِ الشيخُ أبو عليٍّ تردُّداً في هذه الصُّورة. قال الإِمامُ -رحمه الله وسببه] (٣) أن الإِحرام لا حقٌ، والأصل استناد العقد إلى الحلِّ المتقدِّم، لكن الشيخ أَلْحَقَ بمسألة الإِحْرَام المنقولة عن النص ما إذا أوْكَلَ رجلاً بقَبُول النكاح، ثم أحرم، وقَبِلَ الوكيل، ثم اختلف الزوجانِ، فقال الزوج: قَبِلَ قَبْلَ أن أحرمت أو بعْد ما خرجَتْ من الإِحرام، وَقَالَتْ: بَلْ في حالِ الإِحرام، قال فالقول قول الزوج، فلم يَفْرِقْ بين أن يدَّعِي سبق النكاح على الإِحرام، أو سَبْقَ الإِحرام على النِّكَاح، واعْلَمْ أنَّ قضيَة ما سبَق في المسألة الأولَى أن الوليَّ، إِذَا زَوَّجَ، ثُمَّ ادَّعَى المحرمَيَّةَ بين الزوجَيْن، لا يلتفت إلَى دعواه، إذ لا يفرض [النزاع] (٤) في مسألة النصِّ


(١) قال النووي: لم يذكره الأصحاب في هذه الصورة، ولا يصح مجيئه لأن الظاهر الغالب في الأنكحة الاحتياط لها، وعقدها بشروطها وبحضرة الشهود وغيرهم، بخلاف البيع فإن وقوعه فاسداً كثير.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: الصراع.

<<  <  ج: ص:  >  >>