للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الولي والزوج، بل يفرض بين الزوجين، ولو زوج أمته، ثم ادَّعَى أنَّ الزوْجَ كَانَ واجداً لطوْلِ، الحرة وأنكر الزوْجُ، فالقول قوله، ولو زوَّج ابنته، ومات وادَّعَتِ المرأة أن أباها كَانَ مَجْنوناً يوم العقد، فيُنْظَر، أجرى التزويجُ برضَاها أم بغَيْر رضاها، ويكون الحكمُ علَى ما ذكرنا في المسألة الأولَى.

وقوله في الكتاب: "وإذا ادَّعَتِ المرأةُ محرميَّةً أو رضاعاً"، كان الأحسن أن يقول: محرميةً برضَاعٍ أو غيره أو يقول "رضاعاً أو محرميَّةً بجهة أخرَى فإن الرضاع جهةٌ من جهات المحرميَّة لا شيء خارج منها. وقوله: "إلاَّ إذا ذكرت عذراً كنسيانها" مُعْلَمٌ بالواو والله أعلم فهذه فروعٌ وصُوَرٌ يقْطَع على ذكرها الكلام في "كتاب النكاح".

ادَّعى رجلٌ نكاح امرأة وأقام عليه بينةً، وادَّعتِ المرأة أنَّها زوجةُ غيره، وأقامت عليه بينة، قَالَ ابنُ الْحَدَّادِ: يعمل ببينة الرجُلِ؛ لأن حقَّه في النكاح آكد وأقْوَى؛ ألا تَرَى أن التصرُّف في النكاح إليه، إنْ شاء أمسكها، وإن شاء فارقها، وإذا كان جانبه أقوَى، كان العمل ببينته أولَى؛ كصاحب اليد مع غيره، وعلى هذا جرى أكثر الأصْحاب، ووراءه كلامان:

أحدهما: قال الشيخ أبو عليٍّ: يُحْتمَلَ أن يقال: يُنْظَر في جواب من ادَّعت أنها زوجته، إن أنكر، فلا نكاح مع إنكاره فتعمل ببينة الرجل، كما ذكر ابن الحَدَّاد، وإن سكت، فهما بينتان تعارَضَتَا؛ لأنَّ كل واحدةٍ منْهما معمولٌ بها، لو سَلِّمَتْ عن معارضة الأخرى فصار كسائر صور التعارض.

والثَّاني: أنَّهم لم يتعرَّضوا في تصوير المسألة لدعواها المَهْر أو حقّاً من حقوق النكاح، وقد ذكرنا في دعْوَى الزوجية المجرَّدة خلافاً أنها هل تسمع؟ إنْ سمعت وأنكر الزوج، ففي إقامة البينة خلافٌ أيضاً، وإن ادَّعتِ الزوجيةُ المجَّردةُ، أيضاً وأنكر الزوجُ، فإنما تفرض إقامة البينة من جانِبها تفريعاً علَى سماع هذه الدعْوَى، وعلَى سماع البينة مع الإنْكَار، إذا قال الخاطبُ لوليِّ الزوجة: زوجتُ نفْسِي من بنْتِكَ فقبل قال في "التَّتِمَّةِ": يبنى انعقاد النكاح على أن كلَّ واحدٍ من الزوجَيْن معقودٌ عليه أم لا؟ قيل: نعم؛ لأنَّ بقاَءَ كلِّ واحدٍ منْهما شرطٌ لبقاء العقْدِ، فنزلا منزلة العوضَيْن في البيع، وقيل: الزوجُ ليس معقوداً عليه؛ لأن العِوَضَ من جانبه المهْرُ لا نفْسُه، ولهذا لو كانَ تحْته ثلاثُ نسوةٍ، جاز له نكاحُ رابعةٍ، ولو كان منكوحاً، لما جاز، كما أن المنكوحةَ لا تنكح زوجاً آخَرَ، فإنْ قلْنَا: إنه ليس الرجُلُ منكوحاً، لم ينعقد النكاح، وإن قلنا: إنه منكوحٌ، فعن أبي عاصم العبَّاديِّ وأبي سَهْل، الأبيوردي: أنه ينعقد النكاح، كما لو أضاف إلى المرأة، وعن القاضي الحُسَيْن مَنْعُهُ؛ لأن إضافة التزويج إلى المرأة غيْرُ معْهُود فصار كما لو استعَمَلَ في النكاح لفظاً لا يُعْهَد فيه، وفيما جُمِعَ من "فتاوى

<<  <  ج: ص:  >  >>