للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في البَيْع وَجْهاً: أن المشتري إذا أَتْلَفَ المَبِيعَ في يد البَائِعِ، لا يجعل قَابِضاً لِحَقِّهِ، بل يغرم القَيمَةَ للبائع ويستردُّ الثمن، فعلى قِيَاسِ ذلك الوجْهِ تغرم له الصِّدَاق وتأخذ مَهْرَ المِثْلِ.

وإن أَتلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ، فإن قلنا: إِتْلاَفُ الأجنبي المَبِيعَ قبل القبض، كَتَلَفِهِ بالآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، فالحكم على مَا مَرَّ، وإن قلنا: بوجوب الخِيَارِ للمشتري، وهو الأَصَحُّ فللمرأة الخِيَارُ إن شاءَت فَسَخَتِ الصَّدَاقَ، وحيئنذٍ تأخذ من الزَّوْج مَهْرَ المِثْلِ إن قلنا: بضمان العَقْدِ، ومثل الصداق أو قيمته إن قلنا: بضمان اليَدِ، والزوج يَأخُذُ الغُرْمَ من المُتْلِفِ، وإن لم يفسخ أخذت من المُتْلِفِ المِثْلَ، أو القيمة إن قُلْنَا بضمان القِيمَةِ ولها أن تُطالِبَ الزَّوْجَ بالغُرْم ليرجع هو على المُتْلِفِ، إن قُلْنَا بضمان [اليد، وإن قلنا بضمان] العقد فليس لها مُطالَبَةُ الزوج، هكذا رَتَّبَ الإِمَامُ، وصاحب "التهذيب" وغيرهما فأثبتوا لها الخِيارَ على قَوْلَيْ ضَمَانِ العَقْدِ، وضماَن اليد، ثم فَرَّعُوا عليهما وكان يَجُوزُ أن يقال: إنما يثبت الخِيَارُ على قَوْلِ ضمانِ العَقْدِ، فأما على قول ضمان اليَدِ، فلا خِيارَ وليس لها إلا طَلَبُ المِثْلِ، أوالقِيمَةِ، كما إذا أتلف أجنبي المُسْتَعَارَ في يد المُسْتَعِيرِ، وإن أَتْلَفَهُ الزَّوْجُ، فعلى الخِلاَفِ في أن إِتلافَ البَائِعِ للمبيع قبل القَبْضِ، كالتلف بالآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، أو كإِتْلاَفِ الأجنبي، والأصح الأَوَّلُ، وقد بَيَّنَّا حُكْمَ الصَّدَاقَ على التقديرين وفَصَّلَ الإِمَامُ الكَلاَمَ في الخِيَارِ هاهنا على قول ضَمَانِ اليَدِ، فقال: إذا قلنا بِضَمَان اليد، وقلَنا: إن الزَّوْجَ يَضْمَنُ ضَمَانَ الغصوب، فلا معنى لِلْفَسْخِ؛ ولها تَغْرِيمُ الزَّوْجِ أَقْصَى القِيَمِ، كيف فرض الأمر، وإن قلنا: إنه يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يوم الإِصْدَاقِ، فإن جعلنا إِتْلاَفَ البَائِعِ كالآفة السماوية، فلا فائِدَةَ في الفَسْخِ؛ إذ ليس لها إلا قِيمَةُ يوم الإِصْدَاقِ كانت أقل أو أكبَر (١).

وإن جعلناه كإِتْلاَفِ الأجْنَبِيِّ، فإن كانت قِيمَتُهُ يوم الإصداق أَكْبَرَ، فلها في الفَسْخِ فائدة؛ لأنها إذا فَسَخَتْ أخذت قِيمَتَهُ يوم الإصداق، ولو لم تفْسِخْ لم يكن لها إلا قِيمَةُ يوم الإتْلاَفِ، وإن كانت قِيمَةُ يوم الإِصداق أَقَلَّ، فلا فائِدةَ في الفَسْخِ؛ لأنها إذا فَسَخَتْ لم يكن لها إلا قِيمَةُ يوم الإِصْدَاقِ، وإذا لم يكن في الفسخ فائدة، فينبغي ألا يَثْبُتَ، وإذا طالبت المَرْأَة بالصَّداقِ، فامتنع الزَّوْجُ من التسليم مُتَعَدِّياً، ثم تَلِفَ في يده، فهذا التلف نازِلٌ مَنْزِلَةَ إِتْلاَفِ البائع، فيجيء فيه الخِلاَفُ المذكور.

الثالثة: إذا حدث في الصَّدَاقِ نُقْصَانٌ في يد الزوج، فهو إما نُقْصانُ جُزْءٍ، أو نُقْصَانُ صِفَةٍ.


(١) في ب: أكثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>