تَعَذرَ التَّقْوِيم، كان كما لو أَصْدَقَها مجهولاً يجب مَهْرُ المِثْلِ قَوْلاً واحدًا.
والثاني: وهو المذكور في الكتاب أنه على القولين، كما لو ذكر حرّاً (١) وعلى هذا فَيَعُودُ النَّظَرُ إلى العبارة، إن قال: أَصْدَقْتُكِ هَذا الخَمْرَ، أو هذا الخِنْزِيرَ، فالعبارة فَاسِدَةٌ، وإن قال: هذا العَصِيَر، أو هذه النَّعْجَةَ، والمشار إليه خَمْرٍ وخنزير، فهو موضع القَوْلَيْنِ، وعلى هذه الطريقة، فعلى قول الرُّجُوعِ إلى بَدَلِ الصَّدَاقِ، كما يقدر الحر عَبْداً يُقَدَّرُ الخَمْرُ عَصِيراً، ويجب مِثْلُهُ، وقد حكينا في "باب نكاح المُشْركَاتِ" فيما إذا أسلم الزَّوْجَانِ، وقد جرى القَبْضُ في بعض المَهْرِ الفاسد وَجْهاً أنه يُقَدَّرُ الخَمْرُ خَلاًّ، ولم يذكروا هناك اعتبار العَصِيرِ، والوجه التَّسْوِيَةُ، وذكرنا وَجْهاً أنه تعتبر قِيمَةُ الخَمْرِ عند من يَرَى لها قِيمَةً، ولا يَبْعُدُ مجيئه هاهنا، بل ينبغي أن يُرَجَّحَ على ما سَبَقَ في نكاح المشركات، وفي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
وأما الخنزير فقد ذكر صاحب الكتاب هاهنا، وفي "الوسيط" لا أنه يُقَدَّر شَاة، والمذكور في باب نِكَاحِ المُشْرِكَاتِ أنه يُقدَّرُ بَقَرَةً، وهو الذي أورده الإِمام، وصاحب "التهذيب".
وفي المَيْتَةِ تُقَدَّرُ مُذَكَّاةً، ثم الواجب فيها، وفي الخِنْزِيرِ القِيمَةُ، وبعد جميع ذلك، واضْطِرابُ كَلاَم الأئمة فيه يُزِيدُ القول الأَصَحَّ قُوَّةً، وهو وُجُوبُ مَهْرِ المثل، وقوله في الكتاب:[ولذلك] يؤخذ بالشُّفْعَةِ يمكن أن يُعَلَّمَ بالحاء، وإن كانت المسألة دَخِيلَةٌ هاهنا مَذْكُورَة للاستشهاد؛ لأن أبا حَنِيْفَةَ لا يثبت الشُّفْعَةَ في الشِّقْص المَمْهُورِ.
وقوله:"وإنما لا يَفْسَدُ النِّكَاحُ بفساده" يُعَلَّمُ بالميم والألف والواو؛ لما بيناه.
وقوله:"لأنه يثبت شَرْعاً في المُفوَّضَةِ على الصحيح" أي: أن أَصْلَ المَهْرِ غير مُحْتَاحٍ إلى الذِّكْرِ بدليل وُجُوبِهِ في صورة التَّفْوِيضِ بالعَقْدِ، وهذا أحد القولين فيه، وترجيحه هذا القَوْلِ غَيْرُ مُسَاعَدٍ عليه، كما سيأتي في التفويض وقوله:"أو خمراً أو خِنْزِيراً" يجوز إعلامه بالواو إِشَارَةً إلى الطريقة الذاهبة إلى أنه لا مَجَالَ لِلْقَوْلَيْنِ في الخمر والخِنْزيِرِ، ويجب مَهْرُ المِثْلِ لا مَحَالَةَ وقوله:"عصيراً" أو"شاة" يَجُوزُ إِعْلاَمهُمَا بالواو لما عرفته.