للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى الطريقة الثانية لو كان الابْنُ بَالِغاً، فمنهم من طَرَدَ الوَجْهَيْنِ، ومنهم من قَطَعَ بالمَنْعِ؛ لأنه ليس لِلأَبِ تَمِلْيكُهُ، والأَدَاءُ عنه مَحْضُ إِسْقَاطٍ، فإن أَصْدَقَهَا من مال نفسه، فيجوز، ويكون ذلك تَبَرعاً منه على الابْنِ (١).

قال في "التهذيب": وسواء كان ذلك عَيْناً أو دَيْناً، ثم إذا بَلَغَ الصَّبِيُّ، وطَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ، عاد الخِلاَفُ فيمن يرجع إليه النِّصْفُ، وإذا أَجَبْنَا بالظَّاهِرِ، وهو العَوْدُ إلى الابن، فإن كان قد أَصْدَقَها عَيْناً، وبقيت بِحَالِهَا، فيرجع النصف إليه، فهل للأب الرُّجُوعُ فيه الخِلاَفُ المذكور فيما إذا زَالَ [ملك الابن] (٢) في المَوْهُوب، ثم عاد، وإن كان قد أَصْدَقَها دَيْناً. قال في "التهذيب": لا رُجُوعَ للأب، فيما حَصَلَ، كما لو اشْتَرَى الأب لابنه الصَّغِيرِ شَيْئاً بِثَمَنٍ في الذّمَّةِ، ثم أَدَّاهُ من مالِهِ، ثم وَجَدَ الابْنُ بالمبيع عَيْباً, فَرَدَّهُ يَسْتَردُ الثمن، ولا يرجع الأب فيه، بخلاف ما لو خَرَجَ المَبِيعُ مستحقّاً, يعود الثَّمَنُ إلى الأب: لأنه بَانَ أنه لم يَصِحَّ الأدَاءُ.


(١) قال الشيخ البلقيني: لو كان في ذمة الأب ثم بلغ الابن وطلق قبل الدخول وقبل نقد الصداق، فإن الزوجة تستحق على الأب النصف، والذي يقتضيه الفقه أن الأب يستحق على أبيه النصف الباقي، وقد صرح الماوردي بنظر ذلك في التفريع على القديم وهذا من الدقائق اللطيفة ومقتضاه أنه لو فسخت بعيبه لم يسقط الصداق عن الأب، بل يكون جميعه مستحقاً للابن، وقد صرح البغوي في مسألة الفسخ بأن الكل للولد، لكن في كلامهما ما يشعر أن ذلك بعد الدفع وليس بشرط لما تقرر وأثبت الماوردي في الحاوي وجهين على قولنا يكون محتملاً بناءهما على أنه لو كان المصدق عيناً، هل للوالد أن يرجع فيها فإن قلنا: لا يرجع، كان للولد مطالبة بالنصف.
وإن قلنا: للوالد أن يرجع، فليس للولد مطالبته بالنصف، والصحيح أنه ليس للوالد الرجوع، فالصحيح أن للولد المطالبة، وعلم في ذلك أن محل هذا الخلاف في حياة الولد، فأما لو مات فلا يأتي الخلاف، بل يكون للولد وجهاً واحداً، نعم يجيء فيه وجه ضعيف أن العود يكون للوالد في الأصل، والمذهب خلافه. وحكى الماوردي طريقة غريبة فيما إذا كان الصداق عيناً ولم يقبضها الزوجة ثم طلق الولد أن الشطر يعود للوالد والمذهب عودة الولد مطلقاً إذا كان صغيراً والله أعلم.
وأخذ في الخادم كلام شيخه البلقيني ولم يعزه له قال: ومن تطاير المسألة ما لو تبرع أجنبي بوفاء ثمن مبيع ثم رد المشتري المبيع بعيب، هل يرد الثمن على المتبرع؛ لأنه في الواقع أو على المشتري فيه وجهان: بالثاني قطع الجرجاني في المعاياة.
ومنها: لو أدى العبد المهر من كسبه ثم أعتق وطلقها قبل الدخول، ففي التتمة أن يعود الشطر إلى ملك الزوج لا السيد لأنه عاد إليه بالطلاق، والطلاق وقع وهو من أهل الملك، ولو كان يعود إليه بطريق الفسخ لعاد إلى ملك السيد لأن الصداق كان ملكاً له، قال ابن أبي الدم: ويحتمل خلافه لأن الزوجة لم يستقر ملكها على الصداق لتزان له والطلاق بين أنها لا يملك إلا شطره وأنه لم يزل ملك اليد قال الزركشي وحكاه الرافعي وجهاً فيما بعد.
(٢) في أ: الملك.

<<  <  ج: ص:  >  >>