للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السِّرِّ، أراد ما إذا جَرَى العَقْدُ بألف في السِّرِّ، ثم أَتَوْا بلفظ العَقْدِ في العلانية، وذكروا الألفين تَجمُّلاً، وهم مُتَّفِقُونَ على بَقَاءِ العَقْدِ الأول، وحيث قال: المَهْرُ مَهْرُ العلانية، أراد ما إذا تَوَاعَدُوا أن يكون المَهْرُ أَلْفًا، ولم يعقدوا في السِّرِّ، وعقدوا في العلانية، فيكون المَهْرُ ما عُقِدَ عليه العَقْدُ، لا ما سَبَقَ به الوَعْدُ.

ونقل الحناطي وغيره في المسْأَلَةِ نَصًا ثَالِثًا، وهو أنه يَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ، ويفسد المُسَمَّى، وَحَمَلُوه على ما إذا جَرَى العَقْدُ بألفين على شَرْطِ أن يكتفي بألف، أو على ألا يلزمه إلا أدَاءُ الأَلْفِ.

ويجوز أن يُعلَّمَ لما بَيَّنَّاهُ قوله في الكتاب: "قولان" بالواو وقوله: "أَوْلِيَاءِ الزَّوْجَيْنِ" لا يَخُفَى أنه لا يشترط أن يكون الزوج بحيث يَلِي أَمْرَهُ ولِيٌّ، والمعتبر تَوَافُقُ الزوج والوَليّ، وقد يحتاج إلى مُسَاعَدَةِ المرأة.

قَالَ الغَزالِيُّ: (السَّادِسُ) أَنْ يُخَالِفَ الأَمْرُ فَإذَا قَالَتْ: زَوِّجْنِي بأَلْفٍ فَزَوَّجَهَا الوَلِيُّ أَوْ وَكِيلُ الوَلِيِّ بِخَمْسِمِائَة لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ، وَلَوْ قَالَتْ: زَوَّجْنِي مُطْلقَاً فَزَوَّجَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ المِثْلِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا، وَقِيلَ: يَصِحَّ وَيَرْجِعُ إِلَى مَهْرِ المِثْلِ، وَلَوْ زَوَّجَها مُطْلَقًا فَيَحْتَمِلُ التَّصْحِيحَ لِلْمُطَابَقَةِ، وَيُحْتَمِلُ الإِفْسَادَ؛ لأنَّ مَفْهُومَ المُطْلَقِ ذِكْرُ المَهْرِ عُرْفًا، وَلَوْ قَالَتْ: زَوَّجْنِي بِمَا شَاءَ الخَاطِبُ فَزَوَّجَ فَهُوَ مَجْهُولٌ وَالوَاجِبُ مَهْرُ المِثْلَ، وَلَوْ عَرِفَ مَا شَاءَ الخَاطِبُ فَقَالَ: زَوَّجْتُكَ بِمَا شِئْتَ صَحَّ، وَقِيلَ: إنَّهُ يَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ لِخَلَلِ اللَّفْظِ إِذْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ.

قَالَ الرّافِعِيُّ: لا يشترط في إِذْنِ المَرْأَة، حيث يعتبر إذنها تَقْدير المَهْرِ، ولا ذكره، ولكن لو قدرت فقالت: زوجني بألف مَثَلًا، فَزَوَّجَها الوَلِيُّ أو وَكِيلُهُ، بخمسمائة لم يَصِحَّ (١)، وألحق في "التهذيب" بهذه الصورة ما إذا زَوَّجَهَا الوَلِيّ بلا مَهْرٍ، أو زَوَّجَهَا مُطلقًا، وفي بعض التَّعَالِيقِ عن الإِمَامِ أن منهم من قال في حق الوَليِّ: قولان كالقولين في تَزْوِيجٍ المُجْبَرِ بدون مَهْرِ المِثْلِ؛ لأن غير المُجْبَرِ من الأَوْلِيَاءِ، إذا وجد الإذْنُ الْتَحَقَ بالمُجْبَرِ، وخرج عن رُتْبَةِ الوَكِيلِ الذي يُزوَّجُ بالإذْنِ المُجَرَّدِ، ولو قالت لوكيَل الوَلِيِّ: زوجني مُطْلقًا، ولم تَتَعَرَّضْ لِلمَهْرِ، فَزَوَّجَهَا الَوَكِيلُ بما دون مَهْرِ المِثْلِ، ففي فَسَادِ النكاح [قولان، ذكرهما] (٢) الإِمَامِ قدَسَ -الله رُوحَهُ- وغيره.

أظهرهما: عنده وعند صاحب الكتاب القَطْعُ بالفَسَادِ؛ لأن المُطْلَقَ مَحْمُولٌ على مَهْرِ المِثْلِ، فكأنها قدرت به. فنقص.


(١) للمخالفة وفي قول من الطريق الثاني، يصح بمهر المثل.
(٢) في ب: طريقان نقلهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>