للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه على قولين:

أحدهما: الفَسَادُ.

والثاني: الصِّحَّةُ والرجوع إلى مَهْرِ المِثْلِ، وأورد في "التهذيب" هذين الطريقين، فيما إذا وَكَّلَ الوَلِيّ بالتَّزْوِيجِ مطلقًا، فزوج الوَكِيلُ، ونَقَصَ عن مَهْرِ المِثْلِ.

وإذا قلنا: لا يصح نِكَاحُ الوَكِيلِ لو نَقَصَ، فلو أنه أَطْلَقَ التَّزْوِيجَ، ولم يتعرض لِلْمَهْرِ، ففيه احتمالان للإِمام.

أحدهما: أنه لا يَصِحُّ النِّكَاحُ أيضًا؛ لأن الإِطْلاَقَ يَقْتَضِي ذِكْرِ المَهْرِ عُرْفًا.

وأصحهما: الصحة، والرجوع إلى مَهْرِ المِثْلِ؛ لأن المَأْتِيَّ به يُطَابِقُ الإذْنَ، ولأن المُطْلق إذا اقْتَفَى مَهْرَ المِثْلِ، كان إِطْلاَقُ العَقْدِ كَذِكْرِ مَهْرِ المِثْلِ.

ولو أنها أَذِنَتْ للْوَلِيَّ في التزويج مُطْلقًا، فَزَوَّجَ مما دون مَهْرِ المثل، فيفسد النكاح أَو يَصِحُّ، ويَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ فيه قولان، كما سَبَقَ، وكذا لَوْ زَوَّجَها بلا مَهْرٍ، وفيه طريق آخر أنه يُقْطَعُ بالفَسَادِ، كما في الوَكِيلِ، وهذا يَدُلُّ على أن إِذْنَها في النكاح، والسُّكُوتُ عن المَهْرِ ليس بِتَفْوِيضٍ، وفيه شَيْءٌ سنذكره في أَوَّلِ باب التَّفْوِيضِ، ولو قالت للوكيل أو للولي: زَوَّجْنِي بما شَاءَ الخَاطِبُ، فقال المَأْذُونُ للخاطب: زوَّجْتُكَهَا بما شِئْتَ، فإن لم يَعْرِف ما شاء الخَاطِبُ، فقد زَوَّجَهَا بِمَجْهُولِ، فيصحُّ النِّكَاحُ، ويجب مَهْرُ المِثْلِ، وإن عرف ما شاء فوجهان:

أظهرهما: صِحَّةُ الصَّدَاقِ لإِحَاطَتِهَا بالمقصود.

والثاني: وبه قال القَاضِي الحُسَيْنُ -لا يصح الرجوع إلى مَهْرِ المِثْلِ لِخَلَلِ اللفظ، وإِبْهَامِهِ (١)، ويجوز أن يرجع الخِلاَفُ إلى أن العِبْرَةَ باللفظ أو المَعْنَى.


(١) قال النووي: هذا المذكور في هذا السبب، هو طريقة الخراسانيين. وأما العراقيون فقطعوا بصحة النكاح في كل هذه المسائل. قال صاحب "البيان": إذا أذنت في التزويج، فزوجها وليها بلا مهر، أو بدون مهر المثل، أو بدون ما أذنت فيه، أو بغير جنسه، أو زوج الأب البكر الصغيرة أو الكبيرة بلا مهر أو بأقل من مهر مثلها، أو وكل بعلًا فزوجها بلا مهر، أو بأقل من مهر مثلها، فقال أصحابنا البغداديون: يصح النكاح في كل الصور بمهر المثل. وحكى الخراسانيون قولين في صحة النكاح في جميع ذلك.
قال في المهمات: كلامه يشعر بترجيح الصحة ليقدم نقل العراقيين على نقل الخراسانيين مع قطعهم وتردد أولئك، لكن تقدم في الباب الرابع في بيان الأولياء القطع بالبطلان في نظير ذلك.
قال في التوسط: عجيب قوله أن كلامه يشعر بالصحة في الجميع إلى آخره لأنه رحمه الله تعالى مصرح بذلك، واعترض الشيخ البلقيني على الشيخ النووي في نقله عن البيان عن الخراسانيين قولين. =

<<  <  ج: ص:  >  >>