للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَضِيَّةِ؛ لأن تسمية الخمر تُثْبِتُ أَصْلَ المَهْرِ، فالْتَحَقَ بالمسمى المفروض، فبقيت الصُّورَةُ مُدْرَجَةً من خلال هذه المَسَائِلِ، وإن لم يذكر الاحتجاح.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَمَعْنَى الفَرْضِ تَعْينُ الصَّدَاقِ أَوْ تَقْدِيرُهُ وَكَانَ الوَاجِبُ بِالعَقْدِ أَوْ بِالمَسِيسِ المُنْتَظَرِ مَهْرَ المِثْلِ أَوْ مَا تَرَاضَى بِهِ الزَّوْجَانِ أَحَدُهُمَا لا بِعَيْنِهِ، وَلِلمَرَّأَةِ عَلَى القَوْلَيْنِ طَلَبُ الفَرْضِ لِتَقْرِيرِ الشَّطْرِ أَوْ لِتَعْرِيفِ ما سَيَجِبُ بِالمَسِيسِ، وَلَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِلفَرْضِ لاَ لِتَسْلِيمِ المَفْرُوضِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ العِلْمِ بِمَهْرِ المِثْلِ عِنْدَ الفَرْضِ؟ فِيْهِ وَجْهَانِ، وَهَلْ يَجُوزُ إِثْبَاتُ الأَجَلِ في المَفْرُوضِ؟ وَجْهَانِ، وَهَلْ يَجُوزُ إِثْبَاتُ زِيادَةٍ عَلَى مَهْرِ المِثْلِ إِذَا كَانَ الفَرْضُ مِنْ جِنْسِهِ؟ وَجْهَانِ، وَلا خِلاَفَ فِي أنَّهُ يَجُوزُ تَعْيينُ عَرْضٍ يُسَاوِي أَضْعَافَ مَهْرِ المِثْلِ، وَلَوْ أَبْرَأَتْ قَبْلِ الفَرْضِ جَازَ عَلَى قَوْلِ الوُجُوبِ بِالعَقْدِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ بِالوَطْءِ خُرِّجَ عَلَى قولي الإِبْراءِ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَجَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ، وَلَوْ قالَتْ: اسْقَطْتُ حَقَّ الفَرْضِ لَمْ يَسْقُطْ، وَلَوْ فَرَضَ لَهَا خَمْرًا لَغَا الفَرْضَ وَلَمْ يُؤَثِّرْ في التَّشْطِيرِ بِخِلاَفِ المَقْرُونِ بِالعَقْدِ، وَلَوِ امْتَنَعَ مِنَ الفَرْضِ فَرَضَ القَاضِي بِنِيَابَةٍ قَهْريَّةٍ وَلا يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ المِثْلِ، وَلَوْ فَرَضَ الأَجْنَبِيُّ صَحَّ وَلَزِمَهُ المَفْرُوضُ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِالأَدَاءِ، وَقِيلَ: لاَ يَصِحُّ فَرْضُ الأجْنَبِيِّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا لم يوجب المَهْرَ لِلْمُفوِّضَةِ بنفس العَقْدِ، وهو الصحيح، فلها مُطَالَبَةُ الزوج بِفَرْضِ مَهْرٍ قبل المَسِيسِ، لتكون على ثَبْتٍ من تسليمِ نَفْسِهَا، وتَعْرِفُ أنها عَلاَمَ تُسَلِّمُ نَفْسَها، وقد تَتَوقَّعُ المَرْأَةُ زِيادَةً على مَهْرِ المثل، وإن أوْجَبْنَاهُ بنفس العَقْدِ، فمن قال: إنه يَتَشَطَّرُ بالطَّلاَقِ قبل المَسِيسِ، قال: ليس لها طَلَبُ الفَرْضِ، ولكن تطالب بالمَهْرِ نَفْسِهِ، كما لو وَطِئَهَا، ووجب مَهْرُ المثل، تُطَالِبُ به لا بالفَرْضِ، ومن قال: لا يَتَشَطَّرُ، قال: لها طَلَبُ الفَرْضِ ليتقرر الشَّطْرُ، فلا يَسْقُطُ لو طلقها قبل المَسِيسِ، وهذا هو الأَظْهَرُ، والمذكور في الكتاب، ويجوز لها أن تَحْبِسَ نَفْسَها لِلْفَرْضِ، وهل لها الحَبْسُ لتسليم المَفْرُوضِ الذي حَكَاهُ الإِمَامُ عند الأصحاب، وأَوْرَدَهُ صاحب الكِتَابِ أنه ليس لها ذَلِكَ؛ لأنها قد سَامَحَتْ بِالمَهْرِ، فكيف يَلِيقُ بها المُضَايَقَةُ في التَّقْدِيم والتأخير. وقال القاضي الرُّويَانِيُّ: ظَاهرُ المَذْهَب أن لها حَبْسَ نَفْسِهَا حتى يسلم المَفْرُوضَة، كالمسمى في العَقْدِ ابْتِدَاءً، وهذا هو الجَوَابُ في "التهذيب".

واعلم أن الفَرْضَ إما أن يُوجَدَ من الزَّوْجِ، أو من القاضي، أو من أَجْنَبِيٍّ، فهذه ثلاثة أَقْسَامٍ:

الأول: إذا فَرَضَ الزَّوْجُ، ينظر إن لم تَرْضَ به المَرْأَةُ، فكأنه لم

<<  <  ج: ص:  >  >>