للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْرِضْ (١) شيئًا، وفيما علق عن الإِمام أنه لا يُشْتَرَطُ القَبُولُ منها، بل يكفي طَلَبْهَا وإسْعَافُهُ، وليكن هذا فيما إذا طَلَبَتْ عَيْنًا، أو ذكرت مِقْدارًا، فأجابها أما إذا أَطْلَقَتِ الطلب، فلا يلزم أن تكون راضِيَةً بما يُعيِّنُهُ أو يُقَدِّرُهُ، وإذا تَرَاضَيَا على مَهْرٍ، فينظر إن كانا جاهلين بقدر مَهْرِ المِثْلِ، أو جَهِلَهُ أحدهما، ففي صحة الفَرْضِ قولان عن "الإِملاء" والقديم: أنه يَصِحُّ، وعن "الأم" (٢) أنه لا يَصِحُّ، وذكروا في مَأْخَذِهِما ثَلاثَةَ طرق، عن الشيخ أبي حَامِدٍ أنهما مَبْنيَّانِ على أن المُفَوِّضَةَ تَمْلك بالعقد أن تملك مَهْرَ المِثْلِ، وتملك أن تملك مَهْرًا ما، وفيه قولان، وَجْهُ الأَوَّلِ أن الزوج مَلَكَ بُضْعَهَا، فَتَمْلِكُ مُطالَبَتَهُ بِبَدَلِهِ.

ووجه الثَّانِي أنه لاَ بُدَّ من مَهْرٍ، لكن لا تَقْدِيرَ عند التَّسْمِيَةِ، فكذلك عند الفَرْضِ، فإن قلنا بالأول، [فالمفروض] (٣) بَدَلٌ عنه، ولا بدّ من العِلْم بالمُبْدَلِ، وإن قلنا بالثاني، فلا حاجَةَ إليه، وهذه الطَّرِيقَة مُؤسَّسَةٌ على أنه لا يَجِبُ المَهْرُ بالعَقْدِ.

والثاني: بِنَاءُ القَوْلَيْنِ على أن المُفَوِّضَةَ تَسْتَحِقُّ المَهْرَ بالعقد أم لا؟.

إن قلنا: نعم، فالمفروض بَدَلٌ عنه فلا بد من العِلْمِ بالبَدَلِ، وإن قلنا بالثاني فلا حَاجَةَ إليه.

والثالث: بِنَاؤُهُمَا على أن المَفْرُوضَ يجب بالفَرْضِ ابْتِدَاءً، أم يَسْتَنِدُ إلى حَالَةِ العَقْدِ؟ وفيه خلاف سبق مِثْلُهُ فيما إذا وَطِئَ، فوجب المَهْرُ، ورَجَّحَ القاضي الرُّويَانِيُّ من القولين اعْتِبارَ عِلْمِ الزوجين، والجُمْهُورُ على خِلاَفِهِ.

وإن كانا عالِمَينِ بَقَدْرِ مَهْرِ المثل صح ما يَفْرِضَانِهِ، نعم هل يجوز إِثْبَاتُ الأَجَلِ في المَفْرُوضِ؟.

نقل فيه وجهان: وجه المنع أن الأَصْلَ مَهْرُ المِثْلِ، ولا مَدْخَلَ لِلأَجَلِ فيه، وكذلك في بَدَلِهِ، والأصح ثبوته كما في المْسَمَّى، وفي الزيادة على مَهْرِ المِثْلِ وجهان أيضًا، بنَاءً على أن مَهْرَ المِثْلِ هو الأصْلُ فلا يُزَادُ البَدَلُ عليه.

والأصح الجَوَازُ، به قطع جَماعَةٌ، والخلاف فيما إذا كان المَفْروضُ من جِنْسِ مَهْرِ المِثْلِ، فأما تَعْيينُ عِوَضٍ يزيد قيمته على مَهْرِ المِثْلِ، فقد نَفَوْا الخَلاَفَ في جَوَازِهِ، وكان سَبَبُهُ أن الزِّيَادَةَ هاهنا غير مُتَحَقَّقةٍ، والقِيمُ تَرْتَفِعُ وَتَنْخَفِضُ.


(١) وهذا لما قال الأذرعي إذا فرض دون مهر المثل، أما إذا فرض لها مهر مثلها حالًا من نقد البلد وبذله لها وصدقته على أنه مهر مثلها، فلا يعتبر رضاها لأنه عبث وتعنت.
(٢) في ب: الإِمام.
(٣) في ب: فالمقبوض.

<<  <  ج: ص:  >  >>