للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسْأَلَتَيْنِ، ويجري الوَجْهَانِ فيما إذا نَسِيَ الحِرْفَةَ، ثم تَعَلَّمَهَا، ولو طَرَأَتْ في عَيْنِ العَبْدِ غِشَاوَةٌ، فكان لا يُبْصِرُ شَيْئًا، ثم زالت، ثم طلقها قبل الدخول، ففيما علق عن الإِمام أن الزَّوْجَ يَرْجِعُ إلى نِصْفِ العبد، بلا خلاف ويكون كما لو حَدَثَ عَيْبٌ في يدها، وزال، ثم طَلَّقَهَا، وإذا قلنا: إنه لا يرجع إلى نصف الحُلِيِّ المُعادِ عند إِبائِهَا فإلى ما يرجع فيه وجهان:

أحدهما: أنه يرجع إلى نصْفِ قِيمَةِ الحُلِيِّ على الهَيئَةِ التي كَانَتْ.

والثاني: إلى مِثْلِ نِصْفِهِ بالوَزْنِ تِبْراً، وإلى نصف أُجْرَةِ مثل الصّنْعَةِ، وهي قيمتها، ونَظْمُ الكتاب يُشْعِرُ بترجيح الوَجْهِ الأول، وبترجيحه قال الشيخ أبو عَلِيٍّ، وهو جواب ابن الحَدَّادِ، لكن المُوَافِقَ لما مَرَّ في الغَصْبِ فيما إذا أَتْلَفَ حُلِيّاً على إِنْسَانِ بِتَرْجِيح الوجه الثاني.

وإذا قُلْنا بالوجه الأَوَّلِ فيم يقوم الحُليّ به وجهان:

أحدهما: أنه يُقَوَّمُ بغير جِنْسِهِ، وإن كان نَقْدُ البَلَدِ من جِنْسِهِ، إن كان ذَهَباً يُقَوَّمُ بالفِضَّةِ، وإن كان فِضَّةً فَبِالذَّهَبِ؛ لأن التَّقْوِيمَ بالجنس يَتَضَمَّنُ المُقَابَلَةَ مع الفَضْلِ، وهي مُمْتَنِعَةٌ في التقدير، كالمُقَابَلَةِ باَلبَيْعِ.

والثاني؛ أنه يُقَوَّمُ بِنَقْدِ البَلَدِ، وإن كان ذلك من جِنْسِهِ، وبالأول أجاب ابْنُ الحَدَّادِ، وإلى الثاني ذَهَبَ محمد بن نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ، ويجري الوجْهَانِ في قِيمَةِ الصّنْعَةِ، ففي وجه: يُقَوَّمُ بِغَيْرِ جِنْسِ الحُلِيِّ.

وفي وجه بنَقْدِ البَلَدِ، وهو الأشبه، كما تَقَدَّمَ في الغَصْبِ، ولو صورت المسألة في آنِيَةِ الذَّهَبِ، أَو الفضة، فَيْبُنَى على أَنَّهُ هَلّ يَجُوزُ اتِّخَاذُ الأَوَانِي من الذَّهَب والفِضَّةِ، وهل لتلك الصّنْعَةِ قِيمَةٌ أم لا؟!.

إن قلنا: لا، فللزوج أن يَرْجِعَ إلى نِصْفِ العَيْنِ، سواء أَعَادَت الصنعة الأولى (١) أو غيرها؛ لأنه إذا لم تكن تِلْكَ الصّنْعَةُ مُتَقَوَّمَةً لم يكن هناك زِيَادَةٌ.

وإن قلنا: نعم، فالحكم كما في مَسْأَلَةِ الحُلِيِّ، وهذا الخِلاَفُ كالخلاف فيما إذا غَصَبَ آنِيَةً من ذَهَبٍ أو فِضّةٍ وَكَسَّرَهَا، هل يُغَرَّمُ مع رَدِّ العَيْنِ قيمة الصنعة؟ وَيلْتَحِقُ به ما إذا غَصَبَ جارِيَة مُغَنِّيَةً، فَنَسِيَتْ عنده الألْحَانَ، هل يَرُدُّ معها ما انْتُقِصَ من قِيمَتِهَا بِنِسْيَانِ الألْحَانِ؟ فيه وجهان (٢):

وجه المنع: أنه مُحَرَّمٌ ولا عِبْرَةَ بالنُّقْصَانِ الحَاصِلِ به، وعلى هذا، فلو اشْتَرَى


(١) سقط في: أ.
(٢) قال النووي: الأصح المنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>