للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَارِيَةً مُغَنِّيَةً بألفينِ ولو لم تكن مُغَنِّيَةً لكانت تشترى بألف، حكى الشيخ أبو عَلِيٍّ فيه ثَلاَثَة أوجه:

أحدها: وهو الذي أَفْتَى به المحمودي (١) "مرو" أنه يبطل؛ لأنه بَذْلُ مَالٍ في مُقَابَلَةِ مُحَرَّمٍ.

والثاني: عن أبي زَيْدٍ أنه إن قَصَدَ بالشراء الفنَاءَ بَطَل؛ لأنه قَصَدَ مُحَرَّماً، وإلا لم يَبْطُلْ.

والثالث: قال الأودني: القِيَاسُ صِحَّةُ البَيْعِ، وما سوى ذلك اسْتِحْسَانٌ (٢).

وقوله في الكتاب: "فله نِصْفُ قيمته مَصْنُوعاً"، وفي بعض النُّسَخِ "مصُوغاً"، وهما صحيحان.

وقوله: "وقيل: إن له مثل نِصْفِ وَزْنِهِ" أي: مِثْلَ نِصْفِ وَزْنِهِ، ونصف أُجْرَةِ الصنعة، حذفه لِلْعِلْمِ بالمَقْصُودِ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرَّابعُ) لَوْ أَصْدَقَ الذِّمِّيُّ خَمْراً وَقَبَضَتْ فَأَسْلَمَا فَطَلَّقَهَا قَبْلَ المَسِيسِ وَقَدْ صَارَ خَلاًّ يُرْجَعُ بِنِصْفِ الخَلِّ عَلَى وَجْهٍ، وَلاَ يُرْجَعُ بِشَيْءٍ عَلَى وَجْهٍ، وَإِنْ قُلْنَا: يُرْجَعُ فَلَوْ كَانَ قَدْ تَلِفَ الخَلُّ قَبْلَ الطَّلاَقِ رَجِعَ بِمِثْلِهِ عَلَى وَجْه، وَلاَ يُرْجَعُ بِشَيْءٍ عَلَى وَجْهٍ؛ لأَنَّهُ يُعْتَبَرُ بَدَّلَهُ يَوْمَ القَبْضِ وَلَمْ يَكُنْ إِذْ ذَاكَ مُتَقَوِّماً، وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الخَمْرِ جِلْدُ مَيْتَةٍ فَدَبغَتْهُ فَفِيهِ خِلاَفٌ مُرَتَّبٌ وَمَنْعُ الرُّجُوعِ أَظْهَرُ؛ لأَنَّ مَالِيَّتَهُ حَدَثَتْ بِاخْتِيَارِهَا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الذمي إذا أَصْدَقَ امْرَأَتَهُ خَمْراً، ثم أَسْلَمَا، أو تَرَافَعَا إلينا، فقد مَرَّ أنه إن اتفق ذلك بعد القَبْضِ، لم نَحْكُمْ لها بشَيْءٍ، وإن كانت غَيْرَ مَقبُوضَةٍ، حكمنا بوجوب مَهْرِ المِثْلِ، ولو صارت الخَمْرُ المُصْدَقَةُ خَلاًّ في يد الزَّوْجِ، ثم أَسْلَمَا، أو أحدهما فوجهان:

أحدهما: وبه قال ابْنُ الحَدَّادِ لا شَيْءَ لها إلا الخَلَّ؛ لأن الصَّدَاقَ بالعَقْدِ يصير للزَّوْجَةِ، وتكون يَدُ الزَّوْجِ يَداً لها، فأشبه ما إذا قَبَضَتْهُ خَمْراً، وصارت الخَمْرُ خَلاًّ في يدها.

وأصحهما: وبه قال القَفَّالُ أن مَهْرَ المِثْلِ؛ لأن الخمر لا يَصْلُحُ أن يكون صَداقاً،


(١) في ب: المجنوبي.
(٢) قال النووي: واختار إمام الحرمين الصحة مطلقاً، وهو الأصح. ولو بيعت بألف، فالبيع صحيح بلا خلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>