للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ غَيْرِ القرآن من الفِقْهِ والأَدَبِ والطِّبِّ والشِّعْرِ ونحوها، فإن كان غير محظور صَحَّ الصَّدَاقُ، وإن كان مَحْظُوراً لم يَصِحَّ، وذلك كالهَجْوِ والفُحْشِ وفيما روى القَفَّال الشَّاشِيُّ عن أحمد بن عبد الله بن سيف السجستاني أنه سئل المزني هل يجوز النِّكَاحُ على تَعْلِيمِ الشعر؟ فقال: إن كان مِثْلَ قَول القائل [الوافر]:

يُرِيدُ المَرْءُ أَنْ يُعْطَى مُنَاهُ ... وَيأْبَى الله إِلاَّ مَا أَرَادَا

يَقُولُ المَرْءُ فَائِدَتِي وَزَادِي ... وَتَقْوَى اللهِ أَكْرَمُ مَا اسْتَفَادَا

الخامسة: فيجوز لو نكح امْرَأَةً على أن يَرُدَّ عَبْدَهَا الآبقَ، أو جَمَلَهَا الشَّارِدَ وكان الموضع مَعْلُوماً، جاز، وإن كان مَجْهُولاً، فعن أبي الطيب بن سَلَمَةَ، وأبي حَفْصٍ الوَكِيلِ إثبات قول إنه يَجُوزُ كما في الجَعَالَةِ، والصَّحِيحُ أنه لا يَجُوزُ، ويجب مَهْرُ المِثْلِ، بخلاف الجَعَالَةِ، فإنها عَقْدٌ جائز للحاجة، وإنما احتملت الجَهَالَةُ فيه لذلك، فإن رَدَّهُ في صورة الجَهْلِ، فله أَجْرُ مِثْلِ الرَّدِّ، ولها عليه مَهْرُ المِثْلِ، وإذا صَحَّ الصَّدَاقُ، وطلقها بعد رَدِّ العَبْدِ، وقبل الدخول اسْتَرَدَّ منها نِصْفَ أُجْرَةِ المِثْلِ، وإن طلقها مثل رَدِّهِ، فإن كان الطَّلاَقُ بعد الدخول، فعليه الرَّدُّ، وإن كان قبله فعليه الرَّدُّ إلى نِصْفِ الطريق، ثم يُسَلِّمُهُ إلى الحاكم، فإن لم يكن هناك حاكم، أو لم يكن مَوْضِعاً يمكن تَرْكُهُ فيه، ولم يَتَبَرَّعْ بالرَّدِّ إليها قال في "التتمة": [يؤمر بِرَدِّ إليها، و] (١) له عليها نِصْفُ أجرته، ولو تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِرَدِّ الغير، أو بِرُجُوعِهِ بنفسه، أو بموته، فقد فَاتَ الصَّدَاقُ قبل القَبْضِ، فعلى أَصَحِّ القولين الرجوع إلى مَهْرِ المِثْلِ، وعلى الثاني الرجوع إلى أُجْرَةِ الرَّدِّ.

السادسة: إذا نكحها على خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَعْلُومٍ جاز، وله أن يَخِيطَهُ بغيره، إذا التزم في الذِّمَّةِ، وإذا نكح [على] (٢) أن يخيطَ بنفسه، وعجز عن الخِيَاطَةِ بأن يَدُهُ، أو مات ففيما عليه؟ قولان.

أصحهما: مَهْرُ المِثْلِ.

والثاني: أُجْرَةُ الخِيَاطَةِ، ولو تلف ذلك الثوب، فيتلف الصَّدَاقُ، أو يأتي بثوب مِثْلِهِ؟. فيه وجهان ذكرناهما في "الإجَازَةِ" قال في "التهذيب": الأَصَحُّ تَلَفُ الصَّدَاقِ، وهو يُوَافِقُ ما سبق في الإِجَارَةِ أن العراقيين مَالُوا إلى تَرْجِيحِهِ، وحينئذٍ فَيَعُودُ القَوْلاَنِ فيما عليه، وإن طلقها بعد الخِيَاطَةِ، وقبل الدخول، فله عليها نِصْفُ أُجْرَةِ المِثْلِ، وإن طَلَّقَهَا قبل الخِيَاطَةِ، فإن دخل بها، فَعَلَيْهِ الخِيَاطَةِ، وإن لم يدخل خَاطَ نِصْفَهُ، فإن تَعَذَّرَ الضَّبْطُ عاد القولان في أنه يجب مَهْرُ المِثْلِ، أو الأجْرَةُ.


(١) سقط في: أ.
(٢) سقط في: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>