للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرجحهما: عند ابْنِ الصَّبَّاغِ، والمتولي أولهما، وبناء الوجهين فيما ذكر بعضهم على قول تَعَارُضِ الأَصْلِ والظاهر.

الثالثة: لو أَصْدَقَهَا تعْلِيمَ سُورَةٍ، وعلمها، ثم طَلَّقَهَا، فإن دَخَلَ بها، فَذَاكَ، وإلا رَجَعَ عليها بنِصْفِ أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ، كما لو أَصْدَقَهَا عَيْناً وأَقْبَضَهَا، فَتَلِقتْ عندها، ثم طلقها قبل الَدخول يرجع إلى نِصْفِ قِيمَةِ العَيْنِ، وإن طَلَّقَهَا قبل أن يُعَلِّمَهَا، فإنها تَسْتَحِق تعليم الكُلِّ، إن جرى الدخول، وتعليم النِّصْفِ، إن لم يجر، وهل يوفي ذلك أم يقال: إنه فات، وتَعَذَّرَ بالطَّلاَقِ؟ فيه وجهان:

أحدهما: أنه يوفي بأن يُعَلِّمَهَا من وَرَاءِ حِجابٍ من غير خَلْوَةٍ، ويجوز ذلك، كما يجوز سَمَاعِ الحديث كذلك، وهذا ما أورده صاحب "التتمة".

وأظهرهما: وهو المذكور في الكتاب، والمنصوص عليه في "المختصر" أنه إذا طَلَّقَهَا تَعَذَّرَ التعليم؛ لأنها صارت مُحَرَّمَةً عليه، ولا يُؤْمَنُ الوُقُوعُ في التُّهْمَةِ، والخَلْوَةِ المُحَرَّمَةِ، لو جَوَّزْنَا التعليم، وليس كسماع الحديث، فإنَّا لو لم نُجَوِّزهُ لَضَاعَ، وللتعليم بَدَلٌ يُعْدَلُ إليه، فعلى أصح القولين الرجوع إلى جميع مَهْرِ المثال، إن كان الطَّلاَقُ بعد الدُّخُولِ، وإلى نِصْفِهِ إن كان قبل الدخول.

والثاني: الرجوع إلى أُجْرَةِ التعليم، أو نِصْفِهَا (١).

الرابعة: لو نكح كِتَابِيَّةً على أن يُعَلِّمَهَا شَيْئاً من القرآن يَصِحُّ الصَّدَاقُ، إن كان يتوقع منها الإِسْلاَمُ، وإلا فيفسد؛ لأنه لا يَجُوزُ تعليمها خَوْفاً من أن يَصْدُرَ منها ما لا يَليقُ بحرمته، ومال مَائِلُونَ إلى الجَوَازِ مُطْلَقاً، ولو نكح مُسْلِمَةً أو ذِمِّيَّةً على تعليم التَّوْارَةِ والإِنْجِيلِ، لم يجزه؛ لأن ما في أيديهم مُبَدَّلٌ لا يجوز الاشْتِغَالُ به، والوَاجِبُ والحالة هذه مَهْرُ المِثْلِ، إذ لا قيمة للمسمى، ولو نَكَحَ ذمِّيُّ ذِمِّيَّةً على تَعْلِيم التَّوْرَاةِ، أو الإِنجيل، ثم أسلما، أو ترافعا بعد التعليم لم نُوجِبْ شَيْئاً آخر، ولو كان قبل التَّعْلِيم وَجَبَ مَهْرُ المِثْلِ، كما في الخَمْرِ المقبوض، وغير المَقْبُوضَةِ إذا جعلت صَدَاقاً.


(١) قال الشيخ البلقيني: لو كانت صغيرة لا تشتهي أو صارت محرماً برضاع، حصلت به الفرقة أو عقد عليها بعد ذلك، ينبغي ألا يتعذر التعليم لفقد العلة، ولو أبرأته عقب الطلاق مما في ذمته لها من التعليم، برئ.
وقال في الخادم: محله أي كلام الشيخ المصنف ما إذا كان التعليم مستحقاً عليه في عينه، فإن كان في ذمته فلا يتعذر، بل يستأجر لها من النساء أو من ذوي المحارم من الرجال من يعلمها، صرح به صاحب الوافي وهو حسن، وقد قال الرافعي أنه إذا أصدقها التعليم وهو لا يحسن، فإن كان في الذمة جاز، ويأمر غيره بتعليمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>