جاز، ويأمر غيره بِتَعْلِيمِهَا، أو يَتَعَلَّمُ ويُعَلِّمُهَا، وإن كان الشِّرْطُ أن يُعَلِّمَهَا بنفسه، ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يَصِحُّ الصَّدَاقُ؛ لأنه يمكنه أن يَتَعَلَّمَ ويُعَلِّمَ، فصار كما لو أَصْدَقَهَا أَلْفاً، وهو لا يملك شَيْئاً.
وأصحهما: المَنْعُ؛ لأن المَنْفَعَةَ المَعْقُودَ عليها غَيْرُ مَقْدُورٍ على تسليمها، ولو شرط أن يَتَعَلَّمَ، ثم يعلمها لم يَجُزْ أيضاً؛ لأن العَمَلَ مستحقٌّ عليه مُتَعَلِّقٌ بعينه، والأَعْيَانُ لا تقبل التَّأْجِيلَ.
وفي "التتمة" تَفْرِيعاً على الوجه الأول أنها إن أَمْهَلَتْهُ إلى أن يَتَعَلَّمَ فذاك، وإلا فهو مُعْسِرٌ بالصَّدَاقِ، ولو أراد الزَّوْجُ أن يُقِيمَ غيره مَقَامَهُ في تعليم المَشْرُوطِ جاز، إن كان الالْتِزَامُ في الذِّمَّةِ، وإلا لم يَجُزْ، ولو أَرَادَتْ هي أن تُقيمَ غيرها مَقَامَهَا في التَّعَلّمِ، ففي إِجْبَارِ الزوج عليه وجهان:
أحدهما: يُجْبَرُ كما لو اسْتَأْجَرَ للرُّكُوبِ، له أن يُرْكِبَ غيره، وهذا أَرْجَحُ عند الإِمام.
وأظهرهما: عند الأكثرين المَنْعُ؛ لتَفَاوُتِ طِبَاع الناس، واخْتِلاَفِهِمْ في التلقُّن سرعة وَبُطئاً، ومنهيم من نَصَبَ الخِلاَف في جَوَازِ الإبْدَالِ مع التَّرَاضِي، فإن فض عَقْدٌ مُجَرِّدٌ، وأُبْدِلَتْ مَنْفَعَةٌ بِمَنْفَعَةٍ جاز لا مَحَالَةَ، كما إذَا اسْتَأْجَرَ داراً أو قَبَضَهَا، ثم اسْتَأْجَرَ بمنفعتها دَابَّةً.
ولو أَصْدَقَهَا تعليم ولدها لم يَصِحَّ الصَّدَاقُ، كما لو شرط الصَّدَاقَ لولدها، وبمثله أَجَابَ صاحب "التهذيب" فيما لو أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ غُلاَمِهَا، واسْتَثْنَى ما إذا وجب عليها تَعْلِيمُ الوَلَدِ، وخِتَانُ العَبْدِ، فشرطته عليه صَدَاقاً، قال: يجوز.
وفي "التتمة" أنه يَجُوزُ أن يُصْدِقَهَا تَعْلِيمُ الغُلاَم، ولا يجوز أن يُصْدِقَهَا تعليم الوَلَدِ، وهذا أَوْلَى.
الثانية: إذا تَعَذَّرَ التَّعْلِيمُ بأن تعلمت المَشْرُوطَ من غيره، أو كانت بَلِيدَةً لا تَتَعَلَّمُ، أو لا تتعلم إلا بتكلُّفٍ، عَظِيمٍ، وكان الوَقْتُ يَذْهَبُ في تعليمها فوق ما يُعْتَادُ، أو ماتت هي أو مات الزَّوْجُ، والشَّرط أن يُعَلِّمَهَا بنفسه، ففي الواجب القولان المذكوران، فيما لو تَلِفَ الصَّدَاقُ قبل القَبْضِ، فعلى الأَصَحِّ يجب مَهْرُ المِثْلِ، وعلى الآخر أُجْرَةُ التَّعْلِيمِ.
ولو اختلف الزَّوْجَانِ، فقال الزوج: عَلَّمْتُكِ ما الْتَزَمْتُ، وأنكرت، فإن لم تُحْسِنْهُ، فالقول قَوْلُهَا وإن أَحْسَنَتْهُ وقالت: تعلمت من غيرك، فالقول قولها؛ لأن الأَصْلَ بَقَاءُ الصَّدَاقِ، وربما تَعَلَّمَتُ من غيره.
وقوله: "لأنها تَدَّعِي عليه بَدَلَ الصَّدَاقِ، والأصل عَدَمُهُ" فيه وجهان: