للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّدِّ عليه كان كما لم يَدَّعِ شَيْئاً، ولو قال الزوج: أَصْدَقْتُكِ أباك، ونِصْفَ أمك، وقالت: بل أَصْدَقْتَنِيهِمَا جَمِيعاً، فلا خلاف في التَّحَالُفِ؛ لأن الاخْتِلاَفَ هاهنا في قَدْرِ الصداق، فإذا حَلِفَا، فلها مَهْرِ المِثْلِ، وُيعْتَقُ الأب، وعليها قِيمَتُهُ لاتِّفَاقِهِمَا على أنه عُتِقَ عليها بِحُكْم الصَّدَاقِ، لكن لما تَحَالَفَا بَطَلَ عَقْدُ الصَّدَاقِ، ولا سبيل إلى رَدِّ العِتْقِ، فيعدل إلى القِيمَةِ، كما لو اشترى عَبْداً، وأَعْتَقَهُ، ثم اخْتَلَفَا في الثَّمَنِ، وتحالفا وأما الأُمُّ فَتُعْتَقُ عليها نِصْفُهَا، ويقتصر العِتْقُ عليه إن كانت مُعْسِرَةً، وإن كانت مُوسِرَةً، فَيُعْتَقُ الباقي أيضاً بالسَرَايَةِ، وعليها قِيمَةُ ما يُعْتَقُ منها، ويجيء خِلاَفُ التَّقَاصِّ؛ لأن مَهْرَ المَثْلِ الواجب لها، والقيمة الواجبة عليها من جِنْسٍ وَاحِدٍ.

ولو حلف الزَّوْجُ دون المَرْأَةِ عُتِقَ الأب، ونصف الأم، ولا يَسْرِي إذا كانت مُعْسِرَةً، ولا شيء لها، ولا عليها لأَنَّا حَكَمْنَا بيمينه أن الأب ونصف الأُمِّ جُمْلَةُ الصَّدَاقِ. ولو حَلَفَتْ هي دون الزَّوْجِ فيحكم بأن كليهما صَدَاقٌ، ويُعْتَقَانِ، ولا شيء عليها.

ولو قالت هي: أَصْدقَنِي جَمِيعَ أمي، ونصف أبي، وقال الزوج: بل جَمِيعَ الأَبِ، ونصف الأم، فيتحالَفَانِ أيضاً، ماذا حَلَفَا، فلها مَهْرِ المِثْلِ، ويعتق جميع الأب نصفه لاتِّفَاقِهِمَا على أنها ملكته، ونصفه بِإِقْرَارِ الزوج، وعليها قِيمَةُ ما عُتِقَ منه باتِّفَاقِهمَا، وأما الأم فَيُعْتَقُ نِصْفُهَا باتِّفَاقِهِمَا، ويَسْرِي إلى الباقي، إن كانت مُوسِرَةً، وعليها قِيمَةُ ما يُعْتَقُ منها، ويجيء الكلام في التَّقَاصِّ.

ومن صورة التَّنَازُعِ بين الزوجين أن يَخْتَلِفَا في أداء المَهْر، فالقول قَوْلُهَا مع يَمِينِهَا، سَوَاءً كان [الاختلاف] (١) قبل الدخول، أو بعده، خِلاَفاً لِمَالِكٍ، فيما بعد الدُّخُولِ، ولو اتَّفَقَا على قَبْضِ مَالٍ، فقال الزوج: دفعته صَدَاقاً، وقالت: بل هَدِيَّةً، فقد أَطْلَقَ مُطْلِقُونَ أن القَوْلَ قَوْلُ الزوج مع يَمِينِهِ؛ لأنه أَعْرَفُ بكيفية إِزَالَةِ مِلْكِهِ وبنّيته وتصرفه. وفَصَّلَ مُفَصِّلُونَ، فقالوا: إن كان الاخْتِلاَفُ في اللَّفْظِ، فقال الزوج: ذكرت عند الدَّفْعِ أنه صَدَاقٌ، وقال: بل قلت: إنه هَدِيَّةٌ، فالجواب هكذا.

أما إذا اتَّفَقَا على أنه لم يَجْرِ لفظ، واختلفا في نِيَّتِهِ لم يُلْتَفَتْ إلى ما تقوله، والقول قوله بلا يَمِينٍ، وأشبه أن يكون هذا بِنَاءً على أن المُعَاطَاةَ لا تَكْفِي في الهَدَايَا.

أما إذا اكْتَفَيْنَا بها، وهو الصَّحِيحُ، وجب أن نَقْبَلَ دَعْوَاهَا، وأن يحتاج الزَّوْجُ إلى اليمين، ثم لا فَرْقَ بين أن يكون المَقْبُوضُ من جِنْسِ الصَّدَاقِ، أو من غَيْرِ جِنْسِهِ، ولا بين الطَّعَامِ وغيره.


(١) في أ: الإِخلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>