للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنُّفَسَاء، والمُحرمة، والمولى عنها، والمظاهر عنها؛ كما تستحق الخالية عن هذه المعاني؛ لأن هذه المعاني إنما تمنع الوطْء، والمقصود من القَسْم الأنس، والسكن والتحرز عن التخصيص الموحش، وكذلك يجب القَسْم للمراهقة، أو المجنونة التي لا يخاف منها، فإن خيف فلا قَسْمَ لها، قال في "التتمة": والمعتدة عن وَطْء الشبهة لا قسم لها؛ لأنه لا تجوز الخلوة معها (١)، وهذا يقع مستثنى عن قوله في الكتاب: "وَكُلُّ مَنْ بها عُذْرٌ شَرْعِيٌّ أَوْ طَبعِي". الثانية: إذا نشزت عن الزوج؛ بأن خرجت عن المسكن، أو أراد الدخول عليها فأغلقت الباب ومنعته، أَوِ ادَّعَتْ عليه الطلاق، أو امتنعت عن التمكين، فلا قسم لها كما لا نفقة، وإذا عادت إلى الطاعة لم تستحقَّ القضاء، وامتناع المجنونة كامتناع العاقلة إلاَّ أنها لا تأثم.

الثالثة: إن لم ينفرد الزوج بمسكن، وَدَارَ عليهن في مساكنهن فذاك، وإن انفرد بمسكن، فيخير بين المُضِيِّ إليهن وبين أن يدعوهن إلى مسكنه في نوبتهن. والأول أَوْلَى؛ كيلا يُحْوَجْنَ إلى الخروج، وكذلك كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- (٢) فإن دعاهن فعليهن الإِجابة، ومن امتنعت فهي ناشزة (٣)، وهل له أن يدعو بعضهن إلى مسكنه، ويمضي إلى مسكن بعضهن، فيه وجهان، وقال الحناطِيُّ: قولان:

أحدهما: نَعَمْ وبه أجاب الشيخ أبو حامد وغيره من العراقيين، كما لو أراد أن


= والغزالي جعل النظر في ذلك إلى القاضي وإن استحقت القضاء فقد دخل الضرر على بقية الزوجات والتحقيق السقوط قال: ولم يذكروا الصغيرة ومقتض القواعد أنها لا تستحق القسم كما أنه لا نفقة لها. انتهى.
وما ذكره الشيخ البلقيني يؤخذ من قول المصنف "والمراهقة" أي يستحق القسم فأفهم أن دون المراهقة لا قسم لها.
(١) قال في الخادم: قد جزم بتحربم الخلوة بها أيضاً في باب الاستبراء ثم نقل عن ابن الرفعة أن ما ذكره الرافعي من منع الخلوة هنا أن يكون فيما إذا كانت حاملاً أو بناء على أحد الوجهين في أنه لا يحل له التلذذ بها.
(٢) تقدم.
(٣) قال في القوت: هكذا أطلقه الشَّافعي والجمهور، وقال الماوردي: إن كانت المرأة ذات منصب وحشمة لم تجر عادتها بالبروز صينت عن الخروج ولم يلزمها الإِجابة، ولزم القسم لها في منزلها، وهذا حسن وإن استغربه الروياني ولا سيما مع بُعد منزلها عنه دون غيرها.
قال الزركشي: وسيأتي في كلام الرافعي والإِمام ما يؤيده وأنه لا خلاف فيه، قال الأذرعي أيضاً في القوت: محل كون الامتناع نشوزاً حيث لا عذر فإن كان لعذر؛ كمرض ونحوه عذرت وبقيت على حقها. (قاله المارودي). وقال ابن كج: إن منعها مرض عليه أن يبعث إليها من يحملها إليه ويجوز أن يجمع بين الكلامين بجعل الأول على المرض الشديد المعجز والثاني على الخفيف ويحتمل أن تكون المسألة على وجهين يجريان في الزمنة المقعدة ومقطوعة الرجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>