ويستحب أن يُخَيِّرَ الثَّيِّبَ الجديدةَ بين أن يقيم عندها ثلاثاً بلا قضاء، وبين أن يُقِيمَ عندها سبعاً، ويوفي مثْلَ ذلك للباقيات، كما فَعَلَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بأمِّ سَلَمَةَ -رضي الله عنها- فإن اخْتَارَتِ السَّبْعَ، فأجابها قضى السبع للباقيات، وإن أقام بغَيْر اختيارها والْتِمَاسِهَا لِمْ يَقْضِ إلاَّ الأربعَ الزائدةَ ووجه قَضَاءِ الْجَميع إذا اختارته بِوَجْهَيْنِ.
أحدهما: أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- خَيَّرَهَا بيْن الثَّلاَث بلا قَضَاءٍ، وَبَيْنَ السَّبْع بالقضاءِ، فإذا اختارت أحَدَهُمَا لم يكُنْ لها غَيْرُهُ.
والثَّانِي: أن السَّبْعَ حقّ البِكْر، وهي أرفع درجةً منها، فإذا طلبته جَعَلَتْ رغبتها في الزيادة فيما هو غير مَشْروع لها، مبطلاً أصْلَ الحَقِّ، وشَبَّهَهُ أبو سعد المُتَوَلِّي بما إذا باع درْهَماً بدْرهَمَيْن لا تصح المعاملة من أصلها، وذكر صاحب "المهذب" وَجْهَيْنِ في أنَّه، ما الَّذِي يَقْضِي إذا أقام سَبْعاً؟.
أحدهما: أنه يقضي الجميع.
والثاني: لا يقضي إلاَّ ما زاد على الثَّلاَث هكَذَا أطْلَقَهُ فإن أراد ما إذا التمست، حَصَلَ وَجْهٌ أنه لا يجب القضاء ذكر تلتمس، ولم تطلب على خلاف المشهور وَإِنْ أرادَ ما إذا لم تَلْتمس أو كِلْتا الحالتين حَصَل وجه أَنَّه يجب القضاء، وإن لم تطلُبْ، ولم تلتمسْ على خلاف المَشْهُورِ، ولو التمسَتْ منه إقَامَة أربعة أيام (١) أو خمس أو ست لم يقضِ إلاَّ الزِّيَادَةَ على الثَّلاَث؛ لأنها لم تَطْمَعْ في الحَقِّ المشرُوعِ لغيرها، وكذا لو التمست البِكْرُ إقامَةَ عشَرَة أيامٍ لم يجبر على إجابتها فإن أجابها لم يقضِ إلاَّ ما زاد على السبع، قال في "الوسيط": ويحتمل أن يكون وُجُوب القَضَاء في صورة ورود الخَبَر معلَّلاً بحَسْمِ باب التحكم والاقتراح عليها ويحكم بوجوب القَضَاء في هذه الصُّورة أيضاً، ولو قضى حق الجديدة ثم طَلَّقَها ثم راجَعَها، لم يعد حقُّ الزفاف؛ لأنها باقية على النِّكَاح الأوَّل، وقد وَفَّى حقَّها وإن أَبَانَهَا ثم جدَّد نكَاحَهَا فقولان أو وَجْهَان.
أَصَحُّهُمَا: أنَّه يتجدد الحَقُّ لعود الجِهَة بالفرَاق المبين، ويجري الخلاف فيما لو أعتق مستوَلَدَتَه أو أمته التي هي فِرَاشُه، ثم نَكَحَهَا، ولا خلاف في أنه لو أَبَانَهَا قبل أن يُوفي حقَّها ثم جدَّد نكَاحَها يلزمه التَّوْفِيَة، ولو أقام عنْد البِكْر ثلاثاً وافتضها ثمَّ أَبَانَهَا ثم نَكَحَهَا، فإن قلْنا: يتجدد حقُّ الزِّفَاف، فَيبيت عندها ثلاث لَيَال، فإنه حقُّ زفاف الثيب، وإن قلنا: لا يتجدد فيبيت عندها أربعاً؛ لأن حقَّ الزفاف في النِّكَاح الثاني على هذا القول ينبني على النِّكَاح الأول، وهذا القَدْر هو الذي بَقيَ.