للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكُونَ ثِيَابَةُ الجديدةِ بالنِّكَاح أو بالزنا أو الشُّبهَة، ولو حَصَلَتْ بمَرَضٍ أو وَثبَةٍ، فعلى الوجهين في اشتراط استنْطَاقها في النِّكَاح، ولو كانَتِ الجديدةُ أمَةً، ولا يُتَصَوَّر ذلك إلاَّ في حقِّ العَبْد، فإنَّ لَهُ أن يُدخلَ الأَمَةَ عَلَى الحُرَّةِ فوجهان، أَظْهَرُهُمَا وبه قال أبو إسْحَاقَ: أنَّهَا كالحُرَّة في اسْتحْقَاقِ السَّبْع أو الثلاث؛ لأن مقصودَةُ ارْتِفَاعُ الحشْمة، وحصولُ المُبَاسَطَةِ، وهذا أمر يتعلق بالطَّبْع، وما يتعلق بالطبع لا يختلف بالرِّقِّ والحُرِّيَّة كمدة العُنَّة والإِيلاء.

والثاني: وبه قال ابْن أبي هُرَيْرَةَ أنَّها تستحق شَطْرَ ما تَسْتَحِقُّ الحُرَّة، كالقَسْم في دوام النِّكَاح، وعلى هَذَا؛ ففي كيفية التشطر وجهان:

أحدهما: أنَّه يكمل المنكسر، فيبيت للبكر أرْبَعَ لَيَالٍ، وللثيب ليلتان وأشبههما -وهو المذكور في "التَّهْذِيب"- أَنَّ للبكر ثلاثَ لَيَالٍ ونصفاً، وللثيب ليلةً ونصفاً؛ لأن المدَّة قابلةٌ للتَّنْصِيف، والاعتبار بحالة الزَّفَاف حتَّى لو نَكَحَهَا، وهي أمَةٌ، وزُفَّتْ إليه، وهي حُرَّة فلها حَقُّ الحرائِرِ، وإن عتقت بعد الزَّفَاف فلها حق الإِماء.

قال صاحب "التَّهْذِيبِ" وُيحْتَمَلُ: أن يقال: إذا عَتَقَتْ في المُدَّة فلها حقُّ الحَرَائِرِ؛ تخريجاً على الأَصْل المَذْكُور في باب "نِكَاحِ المُشْرِكَاتِ" إذا تبدل الرق بالحرية، وإذا وَفَّى حق الجديدة، من السبع أو الثلاث، فلا يقضي للباقيات، وبه قال مالك وأحمد وعند أبي حنيفة يقضي.

واحتج الأصحاب بما روي عن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال لأُمِّ سَلَمَةَ -رضي الله عنها-: "إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ عِنْدَكِ وَدُرْتُ" (١) والمَعْنَى دُرْت بِالقَسْم الأَوَّلِ من غير قَضَاء؛ لأنَّه لو كانت الثَّلاَث مَقْضِيَّةً، لأَشْبَهَ أن يقولَ: "وَثَلَّثْتُ عِنْدَهُنَّ" كما قال: "وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ" ويروى أنه قال لأم سَلَمَةَ -رضي الله عنها-: "إِنْ شِئْتِ أَقَمْتُ عِنْدَكِ ثَلاَثاً خَالِصَةً لَك، وَإِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكَ، وَسَبَّعْتُ لِنِسَائِي" (٢).


(١) [رواه مالك في الموطإ بلفظ الرافعي، قوله: روي أنه قال لها: إن شئت أقمت عندك ثلاثاً خالصة لك، وإن شئت سبعت لك وسبعت لنسائي، الدارقطني به وأتم منه، وفيه الواتدى، قوله: [راداً على الغزالي حيث قال في الوجيز: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد التمست أم سلمة إلى آخره، هذا يشعر بتقديم التماس أم سلمة على تخييره إياها، وكذلك نقل الإِمام، لكن لا تصريح بذلك في كتب الحديث]، ثم ساق. أي الرافعي في الشرح. من سنن أبي داود التصريح بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي خيرها، ورده هذا متعقب بما رواه الحاكم في المستدرك أنها أخذت بثوبه مانعة له من الخروج من بيتها، فقال لها: إن شئت، وأصله في صحيح مسلم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين تزوج أم سلمة فدخل عليها، فأراد أن يخرج قالت، وفي مسند ابن وهب نحوه، ويحتمل أن يقال: إن أخذها بطرف ثوبه يحتمل الالتماس، ويحتمل غيره].
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>