وقوله آخراً:"وجب تَوْفِيَةُ الحُرَّةَ لَيْلَتَيْنِ" معلَّم بالواو؛ لِمَا بيناه، ولفظ الكتاب ينطبق تَارَةً على الظَّاهِر في أن العتق في اليوم التابع لا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ العِتْقِ في الليلة المتبوعَةِ، مثل قَوْلِهِ:"فَعُتِقَتْ في ليلتها"، وقَوْلِهِ:"وَإِنْ عَتَقَت بَعْدَ تَمَامِ لَيْلَتِهَا" وتارة ينطبق على الوجه الذي يقابله كَقَوْلِهِ في الحالة الثانية: "قَبْلَ تَمَامِ نَوْبَتِهَا" و"بعد تمام نوبتها"، فإنَّ النَّوْبَة تشمل الليل والنَّهَارَ.
فرع: ذكر القاضي ابن كج والشيخ أبو الفَرَج وغيْرُهُمَا أن الأَمَةَ إنما تستحق القَسْم إذا استحقت النفقة، وفي نص الشَّافعي -رضي الله عنه- إشارةٌ إلَيْه، وقد تَبَيَّنَ من قَبْلُ أنه متى تجب نفقتها ومتى لا تَجِبُ، وإسقاط حتى القَسْم بهبتها للزوج أو من بعض الضَّرَّات للأمة لا للسيد؛ لأن مُعْظَم الحَظِّ في القَسْم لها، وهذا كما أن خِيَارَ العَيْب لَهَا لا للسَّيِّد وفي "التتمة": أنَّه إذا قَسَمَ للحُرَّة ليلتين، ثُمَّ سافر السَّيِّد بالأمة، لا يسقط حقُّهَا من القَسْم بل على الزَّوْج قَضَاء ما فات عند التَّمَكُّن؛ لأن الفوات حَصَل بغير اختيارها فهي معذورةٌ فيه.
قال الرَّافِعِيُّ: تَجَدُّدُ النِّكَاح يقتضي تخصيصَ الجَدِيدَةِ بزيَادةِ مبيت عند الزَّفَافِ، وهي سبع لَيَالٍ، إن كانَتْ بِكْراً أو ثلاثٌ إن كانَتْ ثَيِّباً، رُوِيَ عن أنَسٍ -رضي الله عنه- موقوفاً أنَّه قال: "لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وللثَّيِّبِ ثَلاَثٌ" والمقصود منْه أن ترتفع الحشْمَةُ وتحْصُلَ الأُلْفَة والأنس، وخُصَّتِ البكْرُ بزيادة؛ لأن حياءها أكثر، وحكى أبو عبد الله الحناطي قولَيْن في أنه هل يجب على الزوج الإِقَامَةُ عنْدها المُدَّتَيْنِ المذكورتَيْنْ، والموافق لإِيراد الجُمْهُور أنَّه واجبٌ مُسْتَحَقٌّ للجديدة.
قال في "التَّتِمَّة" حتَى لو خَرَجَ في بعض تلْك اللَّيَالي بعُذْر، أو أُخْرجَ فيقضي عند التمكُّن، ويوالي بين الثلاث والسبع، لأَنَّ الحِشْمَةَ لا تزول لو فرق، ولو فرق ففي الاحتساب به وجْهَان ذكرهما أبو الفَرَج الزاز وظاهر كلام الأكثرين المَنْعُ وذكر الزاز تَفْرِيعاً عليه أنَّه يوفيها حقَّهَا على التوالي، وَيقْضِي ما فرَّق للأخريات، ولا فرق بين أن