يعلم، وفيه وَجْهٌ: أنَّه يقضي تخريجاً من الخلاَف في أن الوكيل هل ينعزل قبل العِلْم بالعزل، والظاهر الأوَّل وشَبَّه في الكتاب المسألة بما إذا أباح ثمرة بستانِهِ لإِنْسَان، ثم رجع وتَنَاوَل المُبَاح لَهُ بَعْضُها قَبْل العِلْم بالرجوع، وفي هذه الصُّورة طريقان محكيان فيما علق عن الإِمام، فَعَنِ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد: أن في وجوب الغُرْم لما تناوله بَعْد الرجوع قَوْلَهن، كَما في مسَألة عزل الوَكِيل، وعن أبي بَكْر الصَّيْدلانِّي: أنَّه يغرم؛ لأن الغرامات لا فرق فيها بين العِلْم والجَهْل، وإلى التَّغْرِيم مال الإِمام.
والثانية: لا يَجُوزُ أن تأخذ على المُسَامَحَة بحَقِّها عِوَضاً لا من الزَّوْج، ولا من بعض الضَّرَائِر، وإن أخذت فعليها الرَّدُّ ويستحق القضاء؛ لأن العِوَضَ لَمْ يسلم لها وحكى القاضي ابن كج أنَّهَا لا تستحق القضاء.
فَرْعٌ: لَوْ بَاتَ في نَوْبَةِ واحدةٍ عند غيرها وادَّعَى أنها كانَتْ قد وهَبَتْ نَوْبَتَهَا منْها، وأنكرت فَهِيَ المصدقة، وعليه البينة ولا يقبل فيه إلاَّ شهادة رجلين.
قال الرَّافِعِيُّ: مَنْ ظَلَمَ وَاحدةً من زوْجَاتِهِ بِلَيَالٍ، فقد تَقَرَّرَ أَنَّه يلْزَمُهُ القَضَاء وإنَّمَا يتأتى القَضَاءُ إذَا كَانَتِ المظلومةُ والَّتِي ظَلَمَهَا بسببها في نِكَاحِه، أما إذا فَارَقَ المظلومةَ بطلاق وغيره، فقَدْ تعَذَّر القضاء وبَقِيَتِ المظلمة، في ذمته وذكر في "التتمة" أنه إذا قَسَمَ لواحدة فلمَّا جاءت نَوْبَة الأُخْرَى طَلَّقَهَا قبْلَ توفية حقِّها عَصَى؛ لأنَّه منعها حقَّها بعْد ثُبُوتِ الاسْتِحْقَاقِ لَهَا، وعلى هَذَا فهذا سَبَبٌ آخَرُ بوُجُوب كَوْنِ الطَّلاَقِ بِدْعيّاً، ثمَّ إذا عادت المطلقة إلَيْه برجعة أو بنكاح جديد وفي نكاحه التي ظَلَمَهَا بسببها، فعليه القضاء؛ لأنَّه تمكن من الخروج عن المَظْلَمَة.
وفي وجه: إنْ عَادَت بنكَاح جديدٍ لم يستَحِقَّ القضاء؛ لأَنَّ سبب الاستحقاقِ، قَد زال، وقَرُبَ هذا من الخِلاَفِ في عود الحنث وربَّمَا قيل هو هو، ولَوْ لَمْ يَكُنْ في نكاحِهِ الَّتِي ظَلَمَها بسببها حين عَادَتِ المظلومة إلى نكاحِهِ، بل نَكَح جديداتٍ فالقضاة متعذِّرٌ، لأنَّ القضاء إنما يكون من نَوْبَةِ التي ظلم بسببها، وليست الجديداتُ كذلك، ولو لم