للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنَّه إذا انتهت النَّوْبَة إلى الموهوبة يبيت عندها ليلتين؛ لأَنَّه أسهل عليه، والمقدار لا يختلف، وقياس هَذَا أنَّه إذا كانت ليلة الواهبة أسْبَقَ، وبات فيها عنْد الموهوبة يجوز أن يقدم ليلتها ويبيت عندها الليلة الثانية أيضاً.

وأصَحُّهُمَا وهو المذكور في "التهذيب": أنه لا يجوز الموالاة، بل يبيت عند الموهوبة في ليلتين منفصلتَيْنِ، كما كان يبيت قَبْل الهِبَة عند الواهبة والموهوبة؛ لأن حَقَّ الموهوبة بين الليلتين سابق فلا يجوز تأخيره ولأن الواهبة قَدْ ترجع بين الليلتَيْنِ، والموالاة تُفَوِّتُ حقَّ الرجوع عليها، ولو أنَّهُ طَلَّقَ الواهِبَةَ لم يبت عند الموهوبة بعد ذلك إلاَّ ليلتها، ولا يُشْتَرَط في هذه الهبة رِضَى الموهوبة وَقُبولُهَا، بل يكتفي قبول الزوج، وحكى الحناطي وجهاً غريباً في اشتراط رضاها، وإن وهبت حقَّها من الزوج فهل له أن يخصص واحدة بنوبة الواهبة فيه وجهان:

أحدهما: نَعَمْ؛ لأنها جعلت الحَقَّ له فيضعه حيث يشاء، وعلى هذا فينظر في ليلة الواهبة، وليلة التي يريد تخصيصها، أهما متواليتان أم لا، يكون الحُكْمُ على ما سبق وهذا الوجه هو الذي ذكره العراقيون وتابعهم القاضي الرُّوَيانِيُّ وغيره.

والثاني: المنع لأن التخصيص يظهر المَيْل ويورث الوحشة والحِقْد، فيجعل الواهبة كالمعدومة، ويسوي بين الباقيات، وعلى هذا لو كن أربعاً فوهبت واحدة حقَّها منه قسم بين الثلاثة وأخرج الواهبة عن الاعتبار، وبهذا الوجه الثاني أجاب أبو الحَسَن العَبَّادِيُّ وهو المذكور في الكتاب وأشار في "الوسيط" إلى القَطْع بالمَنْع فيما إذا قال: وهبت لك واقتصرت عليه وإلى تَخْصيص الوَجْهَيْن بما إذا قَالَت: وَهَبْتُ لك تخصيص من شئت، ولو أبقى الدَّوْر بحاله، وبات ليلة الواهبة في كل دَوْرٍ عند واحدة من الباقيات، فلا تفضيل ولا ميل، فلا يبعد تجويزه فإنْ جاز فقياسُه أن يجوزَ وَضْع الدَّوْر في الابتداء، كذلك بأن يجعل ليلة بين لياليهن دائرةً بينهن، وصورته: أن تكون تحته زينبُ وحفصةُ وعَمْرةُ فيبتدئ في القَسْم ليلةَ الجمعة لزينب، ويبيت ليلة السَّبْت عند حفصة، ويبيت ليلةَ الأحَدِ عند عمرة ويجعل الليلة الرابعة دائرةً بينهن ويعود ليلة الثلاثاء إلى زَيْنَب هكذا وحينئذٍ فَيْقرَعُ بينهن الليلة الدائرةَ أيضاً، ويبتدئ بمن خرجت قرعتها وإن وهبت حقها من جميع الضَّرَّات، فلا خلاف في وجوب التسوية بَيْن البَاقيَات وبمثله أجيب فيما إذا أسقطتْ حقَّها مطلقاً ويتعلق بهذه الهبة والرجوع عنها مسألتان أخريان:

إحداهما: للواهبة أنْ تَرْجِعَ متى شاءت ويعود حَقُّهَا في المستقبل؛ لأَنَّهَا هِبَةٌ لم يتصل بها القَبْض فيما يرجع إلى المستقبل، حتى لو رجعتْ في أثناء الليْل، فيخرج من عنْد الموهوبة، وأما ما مَضَى، فلا يؤثر الرجُوعُ فيه وكذا ما فات قبل علم الزوْج بالرجوع لا يؤثر فيه الرجوع؛ ولا يقضي؛ لأنَّه لم يظهر منْه ميل ولا تقصير إذا لم

<<  <  ج: ص:  >  >>