ولو كانت تَحْتَه، أربِع نِسْوَةٍ ثلاث حاضرات وواحدة غائبة، فظلم واحدةً من الحاضرات بالأخريين، وحضرَتِ الغائبة، فيقضي حقَّ المظلومة، مع رعاية جَانِبِ الَّتِي حضرت، فيقسم لها ليلة، وللمظلومة ثلاثاً، وقد يحتاج بالآخرة إلى تبعيض الليلة، كَمَا وَصَفْنَاه، وكذلك لو كان يَقْسِمُ بين نسائِهِ، فخرج في نَوْبَة واحدة لضرورة، بأن أخرجه السلطان، فيقضي لها من اللَّيْلَةَ الَّتِي بعدها مثل ما خرج.
والأولى أن يُرَاعِي الوَقْت فيقضي لأَوَّل اللَّيْل من الأول، وللآخر من الآخر ويكون في باقي الليل عند صَدِيقٍ أو في مسجد أو موضع منفردٍ، ويستثنى ما إذا كان يخاف الْعَسَس أو اللصوص ونحو ذلك، لو خرج فيعذر في الإِقَامَة، قَالَ في "التتمة" والأَوْلَى ألا يستمتع بها فيما وراء زَمَان القَضَاء.
فرع: منقول عن "الأم" إذَا كَانَ للرَّجُل أربع نسوة، فترك القَسْم لإِحداهن أربعين ليلةً يقسم لها عَشْراً. قال الأصحاب: صُورَتُهُ أن يبيتَ عنْد الثلاث عَشْراً عشْراً ويعطل عشر الرابعة فلا يبيت عند واحدة منهن فيها، أمَّا إذا وزع الأربعين على الثلاث بالسوية، فحصة كل واحدة ثلاث عشرة وثُلُثٌ، فيقسم للرابعة مثل ذلك.
قال الرَّافِعِيُّ: فإذَا سَامَحَتْ واحدةٌ من زوجَاتِهِ وتركَتْ حقَّهَا من القَسْم لم يَجِبْ على الزَّوج القَبُولُ؛ لأن الاستمتاع بها حَقُّه، فله أن يبيت عندها في نوبتها، وإن رضي بالمسامحة فينظر، إنْ وُهِبَتْ من ضرة بعينها جاز ويبيت عند الموهوب لها ليلتين؛ ليلةً لها وليلة عند انتقال الواهبة؛ لما رُوِيَ أن سَوْدَةَ -رضي الله عنها- لَمَّا كَبِرَتْ جعلت نوبتها لعائشة -رضي الله عنها- وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقسم يومها ويوم سودة لعائشة (١).
ثم إنْ كانت نَوْبةُ الواهِبَةِ مُتَّصِلَةً بنوبة الموهوبة لها، بات عنْدها الليلتين على الوَلاَء، وإن كانَتْ منفصلةً عَنْهَا فوَجْهَانِ:
(١) متفق عليه ورواه الشَّافعي عن ابن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه: أن سودة وهبت يومها لعائشة، ورواه البيهقي من حديث عقبة بن خالد عن هشام موصولاً.