للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَراً أَقْرَعَ بَينَ نِسَائِهِ فأيتهن خرج سَهْمُها خَرَجَ بِهَا (١)، ولم ينقل أنَّه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا عَادَ يَقْضِي، ولو كان يَقْضِي لأَشْبَه أن ينقل مع ذكر سفره لمن خرج سهْمُهَا، وحَكَى بعضهم، وفيهم أبو الفرج الزاز أنَّه روي عن عائشة رَضِيَ الله عنها أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- "ما كان يَقْضِي" ولفظ الكتاب يوافق ما ذكره هؤلاء، وجعل سقوط القضاء من رُخَصِ السَّفَرِ بخلاف ما إذا خَصَّص واحدة في الحَضَر؛ لأَنَّ المُسَافِرَةَ وإن فازت بصحبة الزوج فقد تعبت في السفَر ومَشَاقِّه، وفي "الوسيط" أن أبا حَنِيْفَةَ -[رحمه الله]- قال بوجوب القَضَاء، وإن أقْرَعَ وكذا حكايه القَاضِي ابن كج، وفي "أمالي" أبي الفَرَجِ: أنَّه لا مدخل للقرعة عنده في ذلك بل يَسْتَصْحِبُ من شاء، ثم يقضي، ثم اعتبر صاحب الكِتَابِ لسقوط [وجوب] (٢) القضاء أربعةَ شُرُوطٍ:

أحدها: أن يَقْرَعَ، فلو استصحب بعضَهُن بلا قُرْعَة، فعليه القضاء للمخلفات؛ لأنَّه ظَلَم بالتفضيل والتخصيص، وفي "الشامل": أن أبا حنيفة ومالكاً قالا: لا يَجِبُ القَضَاء، وهذا بخلاف ما سبق عن أبي حنيفة رحمه الله، ثم في المُدَّة الواجِبِ قَضَاؤُهَا وجهان:

أظهرهما: أَنَّه يقضي ما بَيْن إنْشَاء السَّفَر إلى أن يَرْجع إلَيْهِنَّ.

والثَّانِي: يستثني مُدَّة الرُّجُوع؛ لأَنَّه خروج عن المَعْصِيَةِ، وفي وجْهٍ: لا يقضي من وقت العزم عَلَى الرُّجُوع وإن لم يَنْهَض بَعْدُ، وأشار الحناطي إلى خلاف في أن ما ذكرْنَا أنَّه إنَّمَا يَسْتَصْحِبُ بعضَهُن بالقُرْعَة مخصوصٌ بما إذا كان يقسم لَهُنَّ أو مُطْلَقٌ، والظَّاهر الإِطلاقُ، وإذا خرجت القرعةُ لواحدةٍ لَمْ يَجُز أن يستصْحبَ غيرها، ويجوز أن يُخَلِّفَهَا مع المتخلِّفات وللقرعة طريقان: إخراج الأسماء على السَّفَر، وإخراج السَّفَر على الأسماء، فإذا كانت تحته أربع نسوة وأراد أن يَقْرَعَ بينهن، فإن شاء أثْبَتَ أسمائهن في رِقَاع وأدرجها في بنادق متساوية، وأخرج منّها واحدة على السفر، وإن أراد استصْحَاب اثنتين معه، أخرج رُقْعَة أُخْرَى وجَوَّزُوا -والحالة هذه- أن يَقْتَصِرَ على رُقْعَتيْن، ويثبت في كل واحدة اسْم اثنتين، وإن شاء أثبت الحَضَر في ثلاث رِقَاع، والسفر في واحدةٍ، وأدرجها ثم يخرج رُقْعَة على اسْم واحِدَةَ فإن خرجَتْ رقْعَةُ السفر استصحبها، وإن خرجَتْ رقْعَة من رقاع الحَضَر أخرج رُقْعَة أُخرى على اسم آخَرَ وهكذا حَتَّى يخرج رقْعة السفر، وإن كان يسافر باثنتين، أثبت السفر في رقعتين [وفي] الحضر رُقْعَتَيْنِ.

والثَّانِي: ألاّ يَقْصِدَ بِسَفَرِهِ النُّقْلَة فأما في سفر النُّقْلَة، فَلاَ يجوز أن يَسْتَصْحِبَ


(١) أخرجه البخاري بهذا، واتفقا عليه بنحوه. قوله: روي عن بعضهم أن عائشة قالت: ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقضي إذا عاد، لا يعرف.
(٢) سقط في ز

<<  <  ج: ص:  >  >>