للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضَهُنَّ دون بَعْضٍ لا بالقُرْعَة ولا بِغَيْرِ القُرْعَة، ولو فَعَلَ قضى للمخالفات، هَذَا هو الأَظْهَرُ وبِهِ قال أبو إسْحَاقَ، وحمل عليه قوله في المختصر: "وَلَوْ أَرَادَ النَّقْلَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ بِوَاحِدَةٍ إِلاَّ وَفَّى لِلْبَوَاقِي مِثْلَ مُقَامِهِ مَعَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِذَا نَقَلَهَا بِالقُرْعَةِ لَمْ يَقْضِ مُدَّةَ السَّفَرِ كَمَا في سَفَر التِّجَارَةِ" وحمل النص على مدة مقامه معها في البلد المنتقل إلَيْهِ، والفَرقَ عَلَى الأَظْهَر أنَّ سفر النُّقْلَة لا يختصُّ ببعضهن، بل يحتاج إلى نَقْلِهِنَّ جميعاً، فلا يخصِّصُ واحدةً بالاستصحاب كما في الحَضَر، ولو نقل بَعْضَهُنَّ بنفسه، وبعضَهُنَّ بوكيله بلا قرعة قضى لمن بعَثها مع وكيله ويجوز أن يفعل ذلك بالقرعة قاله في "التهذيب" وإذا أخذ في الرجُوع إلَيْهِنَّ بَعْد تخصيص واحدةٍ بالنقل، ففي قَضَاء مدَّة الرُّجُوع الوجْهَان، ولا يجوز أن يسافر سَفَرُ نُقْلَةٍ، ويخلف نساءه بل يَنْقُلُهُنَّ بنفسه أو بوكيله أو يطلقهُنَّ؛ لِمَا في التحليف من الإِضرار، هكذا أطلقه في الكتاب قال في "الوسيط": وإِنَّمَا لا يُكَلَّفُ في الحَضَرِ البيتوتةَ والتخصيص؛ اكتفاء بداعية الطبع، وفيما علق عن الإِمام أن ذلك أدب وليس بأمر لازم.

والثالث: أن يكون السفر طويلاً أما السَّفَرِ القصيرُ لغَرَضِ التفرُّج وغَيْره فهَلْ يجُوز أن يَسْتَصْحِبَ فِيهِ بعضَهُنَّ بالقُرْعَة فيه وجْهَانِ:

أحدهما: لا، ولو فَعَلَ لَزِمَه القضَاءُ؛ لأنه في حُكْم الإِقامة، وليس للمقيم، أن يَخُصَّ بعضَهُنَّ بالصُّحْبة؛ لأن المشقة فيه لا تَعْظُمُ.

والثاني: أنَّه كالسَّفَرَ الطويل؛ لأنَّه أعم وقوعاً، واستصحابُهُنَّ فيه أغْلَبُ، والأول هو المذكور في الكتاب، والثاني، أصحُّ عند صاحب "التهذيب" والتتمة وغيرهما، والرابع، أن لا يعزم على الإقامة، ولا يقيم فلا يقضي للمخلفات المُدَّة الَّتي سافر فيها أمَّا إذا صَار مُقِيماً فاعلم أنَّا ذَكَرْنا في "باب صلاة المُسَافِرِينَ" أن السفر يَنْتَهِي (١) بأمور:

أحدها: العَوْد إلى الوَطَن، وفي معناه البُلُوغ إلى المَقْصِدِ الَّذي لم يعزم على الإِقامة فيه أربعةَ أيَّام فصاعداً. ولا ينتهي بلوغ المَقْصِدِ الَّذي لم يعزم على الإِقامة فيه هذه المدَّة على الأصح.

والثاني: أن يعزم على الإِقامَةِ في بَلْدة أو قرية إلَيْها في طريقه أربعة أيام أو أكثر.

والثالث: أن يقيم مُدَّةَ أربَعَةِ أيَّام لشغل ينظر أهو مما يتوقع تنجزه لَحْظَةً فلَحْظَةً، وهو على أن يرتحل متى تنجز أو مما يعلم أنَّه [لا] (٢) ينجز في أربعة أيام، وفي الحالين اختلافٌ طويلٌ مذكورٌ في "صَلاَةِ المُسَافِرِينَ".


(١) في ز: منتهى.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>