للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويروى أنه كان قد أصْدَقَها تلك الحديقة.

نُقِلَ أنه أول خُلْع جرى في الإِسلام، ولا فرق في جواز الخُلْع بين أن يَجْري على الصَّداق، أو بعضه، أو على مال آخر، ولا بين أن يكون العِوَضُ الذي بذَلَتْه أكْثَرَ مما أعطاها الزْوجُ صَدَاقاً، وبين ألا يكونَ.

وعن أحمد: لا يجوز ولا كراهة فيه إن جرى في حال الشقاق أن يأخذ منها أكثر مما أَعْطَى، ويصحُّ الخُلْع في حَالَتَي الشِّقاق، والوفاق أو كانت تَكْرَهُ صُحْبَتَه لسوء في خُلُقِه أو دِينِه أو تَحَرَّجَتْ من الإِخْلاَل ببعض حُقُوقِه، لما بها من الكراهة فافْتَدَتْ ليطلقها أو ضربها الزوج تأْديباً فافتدَتْ، ويحكى أن ثابتاً كان قد ضرب زوجته فلذلك افتدت وألحق الشيخ أبو حامدٌ بهذه الصورة ما إذا منعها حقَّها من النَّفَقَة وغَيْرها فافتدت، لتتخلَّص منه، وإن كان الزوْجُ يكره صحبتها، فأساء العِشْرة، ومنعها بعْضَ حَقِّها حتى ضَجِرَت وافتدت، فالخُلْع مَكْرُوه وان كان نافذاً، والزوج مأثوم بما فعل، وفيه وجه أن منعه حقَّها، كالإِكراه على الاختلاع بالضرب وما في معناه وإذا أكرهها بالضَّرْب ونحوه، حتى اختلعت فقالت مبتدئةً: خالِعْنِي على كذا [ففعل] (١)، لم يصحَّ الخُلْع، ويكون الطَّلاق رجعيَّاً إن لم يُسَمِّ مَالاً، وإن سمَّاه لم (٢) يقَعِ الطَّلاَق؛ لأنَّها لم تقبل مختارة (٣).

وفي "التتمَّةِ" وجْه: أنَّه وإن لم يسم المال لا يقع الطلاق؛ لأنَّه قصد ترتيب كَلاَمِه على كلامها، فصار كما لو سمى المال.

ولو ابتدأ، وقال: طلقتك على كذا، وأكرهها بالضَّرْب على القبول، لمْ يقعْ شَيْء، وإذا ادَّعَت المرأة أنَّ الزَّوْج أكْرَهَهَا على بَذْل مال عِوَضاً عن الطَّلاق، وأقامَتْ عليْه بينَةً، فالمال مردُودٌ، والطلاق واقعٌ، وله الرجْعَة، نصَّ عليه.


= عمر فقال: عدتها عدة المطلقة، وكذا رواه مالك في الموطإ عن نافع نحوه، وأما ابن عباس: فرواه أحمد عن يحيى بن سعيد عن سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال: الخلع تفريق، وليس بطلاق، وإسناده صحيح، قال أحمد: ليس في الباب أصح منه.
(١) سقط في ز
(٢) سقط في ز.
(٣) قال في المهمات ما ذكره من أن الطلاق إن لم يتم حالاً رجعي مبني على أن مطلق الخلع لا يقتضي المال، فإن فرعنا على الأصح أنه يقتضي المال وقع الطلاق بائناً فهو المثل؛ لأن الزوج في هذه الصورة مبتدئ؛ لأن لفظ المرأة المتقدم ساقط للإِكراه وصورها في "التتمة" بلفظ الطلاق فعدل الرافعي عنه إلى التعبير بالخلع وهو الذي أورده الشيخ ولي الدين العراقي بأن الصورة أنه لم يصدر منها سوى اللفظ الذي ابتدأت به فألغيناه للإِكراه وقد أتى هو بإيجاب لم يقع له القبول فكيف يقال إن الطلاق وقع بائناً بمهر المثل والعجب من شيخنا قال إن لفظ المرأة ساقط للإِكراه فإذا كان ساقطاً للإِكراه فكيف يوقع الطلاق البائن بكلامه وحده. انتهى. وهو جواب حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>