الحالة، لكن لو كانت الدابة واقفة وسهل الانحراف عليها يلزمه ذلك على هذا الوجه وإن لم يكن العنان بيده فكأنه جعل هذا مثالاً لصورة سهولة الاستقبال، ليلحق به ما هو في معناه، ويمكن أن يكون الذي حكاه ثانياً وجهاً مغايراً للوجه الثالث الذي قدمنا روايته، فإن الصيدلاني وغيره نقلوه كما نقله المصنف لكن الأول أقرب، فإن الفرق بين ما إذا كان العنان بيده وبين سائر صور السهولة بعيد.
وفي لفظ الكتاب شيء آخر يحتاج إلى تأويله وذلك أنه قال:"ولا يضر انحراف الدابة عن القبلة" ومعلوم أنه لا اعتبار بانحراف الدابة واستقبالها، وإنما الاعتبار بحال الراكب، حتى لو استقبل الركب عند التحرم حصل الغرض وارتفع الخلاف وإن كانت الدابة منحرفة واقفة كانت أو سائرة فإذا المعنى ولا يضر انحرافه على الدابة أو لانحراف الدابة وما أشبه ذلك. وفي المسألة وجه رابع: وهو: أنه لو كانت الدابة متوجهة به عند افتتاح الصلاة، إما إلى القبلة أو إلى طريقه تحرم بالصلاة كما هو، ولو كانت منحرفة به إلى غيرها لم يجز التحرم إلا إلى القبلة، لأن تكليف صرف الدابة عن صوب الطريق إذا كانت متوجهة إليه قد يعسر، أما عند الانحراف إلى غير القبلة والطريق فلا بد من صرفها فليصرفها لهم القبلة أولاً ثم إلى الطريق فليس فيه كثير عسر، وإذا شرطنا الاستقبال عند التحرم ففي اشتراطه عند السلام وجهان:
أحدهما: يشترط: لأنه أحد طرفي الصلاة، ولهذا اعتبرنا نية الخروج على رأي اعتباراً بالطرف الأول.
وأصحهما: لا يشترط كما في سائر الأركان وهذا قضية نظم الكتاب، لأنه قال:"لا يضر الانحراف" ولم يستثن على بعض الوجوه سوى حالة التحرم.
وإذا عرفت الخلاف في التحرم والتحلل، فاعرف أن فيما عداهما من أركان الصلاة يجعل صوب الطريق بدلاً عن القبلة، وكذلك عند التحرم والتحلل إذا لم يشترط فيهما الاستقبال، وإنما كان كذلك؛ لِأن المصلي لا بد وأن يستمر على جهة واحدة ليجتمع همه ولا يتوزع فكره، وجعلت تلك الجهة جهة الكعبة لشرفها، فإذا عدل عنها لحاجة السير فليلزم الجهة التي قصدها؛ محافظةَ على المعنى المقتضي للاستمرار على الجهة الواحدة، ثم الطريق في الغالب لا يستد؛ بل يشتمل على معاطف يلقاها السالك يمنة ويسرة، فيتبعه كيف ما كان لحاجة السير، وإنما قال:"صوب الطريق" لأنه لا يشترط أن يكون سلوكه في نفس الطريق المعبد، فقد يعدل المسافر عنه لزحمه ودفع غبار أو نحوهما، فالمعتبر الصوب دون نفس الطريق. ويتعلق بهذه القاعدة مسائل: